ما الذي تغير؟!
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
كنّا في جلسة حوارية مع مجموعة من الشباب، بعضهم على رأس عمله، وبعضهم من المتقاعدين، ومن مختلف القطاعات بالدولة، وناقشنا دور الوحدات الحكومية في إنجاز الأعمال وتنفيذها للخطط السنوية، وكان الحديث يتسم بالتفاؤل والإيجابية حسب المؤشرات المتوفرة في هذا الجانب، فالبعض يؤكد وجود تحديات في بعض القطاعات التي تحتاج إلى جهد وعمل، مع الإشادة بالنجاحات والإنجازات التي تحقّقت في الكثير من المسارات وعلى مختلف الأصعدة، فالتحديات موجودة في كل القطاعات وفي كل دول العالم، ولولا هذه التحديات لما تقدم العالم ولمّا تقدمت البشرية، ولمّا كان هنالك سعي لتجويد وتطوير الخدمات التي تقدم.
لكن ما يؤسفني أنّ أحد المتقاعدين عندما طُلب منه الحديث عن الجهة التي كان يعمل بها، ركز على السلبيات والأخطاء، وكان كلامه عبارة عن سيل من الانتقادات الّلاذعة، فسير العمل في تلك الجهة لا يتم بالطريقة الصحيحة، وجميع الخطط غير مناسبة، باختصار، انتقد الجهة وكل ما أنجز فيها من أعمال، ونسف كل الجهود التي بُذِلت، ولم يذكر أي أمر إيجابي مطلقا! على الرغم من أنّه عندما كان على رأس عمله، كان يدافع عن كل الانتقادات التي وُجّهت لتلك الجهة، ويبرر ويوضح ويذكر الأسباب، ويطرح الحلول التي من الممكن أن تؤدي إلى تجويد العمل!
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي تغير؟!
فكثيرا ما نسمع انتقادات من بعض الذين كانوا سابقا من متّخذي القرار أو من المنتسبين لبعض الجهات؛ لطريقة العمل المتبعة، والخطط الذي تنفذ في هذه الجهات، على الرغم من أنّهم كانوا يمارسون هذه الطريقة من العمل ويطبقون هذه الخطط التي شاركوا بوضعها عندما كانوا على رأس عملهم، ما الحدث المفاجئ الذي يدعك تتغير 180 درجة، وتقلب كل الموازين، وتنسف جهودا أنتَ شاركت فيها؟
أين كان دورك عندما كنتَ مسؤولا ومتخذا للقرار من كل هذه النقاط السلبية؟ ألم يكن بيديك أن تطور وتغير الكثير من هذه المجريات التي تؤدي إلى تجويد العمل في هذه المؤسسات؟
وإن كان بينك وبين هذه المؤسسة خلاف معين أو ما شابه ذلك، فمن غير اللائق أن تقوم بإجراء مقارنات غير عادلة بين عمل هذه المؤسسات وجهات أخرى خارج الوطن؛ لاختلاف الظروف، والمعطيات، والواقع الذي يفرض تحديات تختلف من دولة لأخرى.
كما أنّه من غير المنطقي أن تتقدم بطلب معين لأيّ جهة بالدولة أو للجهة التي كنت تعمل بها -وأنت على يقين بأن طلبك سوف يُرفض- بحكم علمكَ بالقوانين والأنظمة بهذه المؤسسة، وعندما يتم رفض طلبك، تقود حملة انتقاد واسعة، وتوجه الاتّهام لها بالقصور في أداء الواجبات تجاه المواطنين، وهذا إن دلّ فإنّه يدل على أنّ أصحاب هذا التوجه الأخلاقي تحركهم مصالحهم الشخصية، وليس الرغبة الصادقة في تغيير الأوضاع إلى الأفضل.