الرعاية النفسية والاجتماعية للموهوبين (4)
د. إنعام بنت محمد المقيمية
مع تزايد الاهتمام بالموهوبين في بعض البلدان العربية والخليجية، وانعقاد عدة ندوات ومؤتمرات، واهتمام العديد من الجامعات بهذا الموضوع مثل: جامعة الخليج العربي، وجامعة الملك سعود، وجامعة الكويت، وجامعة السلطان قابوس وغير ذلك، باعتبارهم ثروةً وطنية، وعاملا من عوامل نهضتها في شتى المجالات. حيث تقوم السلطنة بجهود مختلفة للطلبة الموهوبين تتنوع بين مسابقات وبرامج إثرائية وأندية صيفية وملتقيات ومراكز استكشاف العلوم والمهرجانات المختصة، وإنشاء وحدة خاصة للموهوبين والمعارض… إلخ، كما تقوم وزارة التربية والتعليم بالعديد من الفعاليات منها برنامج التنمية المعرفية للطلاب والطالبات في مواد العلوم والرياضيات والجغرافيا، وتنظم جامعة السلطان قابوس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم النادي الصيفي الذي يستهدف 1000 مشترك، يلتحقوا بمجموعة من الأنشطة والمحاضرات والندوات، وكذلك ما تنظمه مؤسسات التعليم العالي من الأسابيع الثقافية والعلمية والمسرحية، كما تقدم جامعة السلطان قابوس ممثلة في دائرة شؤون الابتكار جماعة الابتكار وريادة الأعمال، وتهتم بنشر ثقافة الابتكار والإبداع، وغيرها من الفعاليات التي تعزز دور السلطنة في الاهتمام بالموهوبين وتنميتهم.
واستجابة للتوجهات العالمية والإقليمية في مجال رعاية الطلبة الموهوبين، فقد أصدر المرسوم السلطاني رقم 37/2008م، ويقضي بتحديد اختصاصات وزارة التربية والتعليم واعتماد هيكلها التنظيمي، حيث استحدثت قسم لرعاية الموهوبين بدائرة التربية الخاصة، وتلا ذلك صدور قرار وزاري(395/2013) يقتضي تشكيل فريق العمل، ويختص بإعداد وثيقة لاكتشاف ورعاية الطلبة الموهوبين في السلطنة (2019-2014)، كما تبنى مجلس البحث العلمي بسلطنة عمان مشروع “اكتشاف ورعاية الطلبة الموهوبين في سلطنة عمان (2017-2014) ” إذ تم تطوير عدد من الاختبارات والمقاييس وتقنينها على البيئة العمانية، كما تم التعاون مع ما يقارب (40) مدرسة لتطبيق الأدوات، ويسعى المشروع ضمن خططه المستقبلية إلى تصميم وتطوير بعض المناهج الإثرائية بالتركيز على العلوم والرياضيات والتكنولوجيا لطلبة الحلقة الأولى والثانية، وإلى تدريب مجموعة من الكوادر البشرية على تصميم برامج إثرائية خاصة للطلبة الموهوبين في الحلقتين الأولى والثانية من التعليم الأساسي، ومباشرة تطبيقها على الطلبة في مطلع العام(2016/2017)، وإزاء ما سبق يتضح بأن السلطنة من الدول العربية التي لم تغفل الاهتمام بجانب الإبداع والموهبة لدى طلبة المدارس، وتعدد وتنوع مواهبهم بين تميز في الإجادة التحصيلية كالرياضيات والعلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والأحياء، وإجادة في الأنشطة المدرسية والمهارات الريادية والابتكارات العلمية المختلفة.
ومما لا شك فيه أن الاهتمام بهذه الفئة هو حتمية حضارية تفرضها التحديات العلمية والتكنولوجية المعاصرة، وبالتالي فقد حرص كم كبير من العلماء في أقاصي الدنيا ومشارقها على إجراء البحوث والدراسات العلمية التي تعمل على اكتشاف الموهوبين والمتفوقين من خلال رصد خصائصهم وحاجاتهم والأمور المتعلقة بتعليمهم ورعايتهم، ومع زيادة وتيرة الاهتمام بفئة الموهوبين والمتفوقين عالميا وإقليميا إلا أن جانب الحاجات والمشكلات التي تعترضهم لم ينل حقه من الاهتمام بالبحث؛ ومرد ذلك تلك المعتقدات الخاطئة المتمثلة في أنهم ليسوا بحاجة إلى رعاية، وأن ما لديهم من مواهب تنمو بذاتها وبالكيفية التي تمكنهم من التفوق دون مواجهة أية مشاكل أو صعوبات. ولعل تلك المعتقدات الخاطئة هي أخطر ما يواجه الموهوبين، لأنهم في واقع الأمر يواجهون العديد من التحديات والمشكلات التي قد تصل ببعضهم إلى كتلة من الضغوط النفسية والاجتماعية التي تواجههم، وهذه الضغوط قد تؤدي إلى انهيار نفسي؛ ولهذا وجب التنبيه على الاهتمام بالموهوب كإنسان قبل كل شيء.