أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
كل مواطن يحب الخير لبلده، يسعى دائما ومن خلال مجال عمله، ومسؤولياته، وتسلّحه بالعلم والعمل معا إلى التغيير نحو الأفضل، فحبّ الوطن والانتماء له ليس مجرد شعارات طنّانة ولا كلمات برّاقة، بل يُلمس من خلال قيام المرء بكافّة الواجبات والأعمال، وإتقانها بما يعود بالنفع عليه، وعلى الوطن، لذلك يجب على كل مواطن أن يسعى إلى التطوير، والتغيير نحو الأفضل في جمع المستويات والمجالات، سواء كانت علمية أو ثقافية أو رياضية أو اجتماعية، وهذا التطوير قائم على ما يبذله من جهد وعمل وإخلاص وتفان، ويقول الرّوائي الروسي ليو تولستوي: “لا ينبغي لنا أن نحب الوطن حبّا أعمى، فلا نرى عيوبه، ولا نسعى لإصلاحها أو مواجهتها في الواقع”.
لذا يجب أن يكون للفرد في مجتمعه دور إيجابي في التطوير والإصلاح؛ وذلك بأن يطرح قضايا ذات أهمية ويخدم طرحها المجتمع، ويسعى لعلاج مشكلة ما قائمة، تحتاج فعلا إلى حلّ وعلاج، مع عدم إهمال الإيجابيات، وتقدير الدور الذي يقوم به الآخرون.
وعلى العكس من ذلك، فعندما يقوم الفرد بالتطرّق إلى قضايا معينة بهدف الطرح وإثارة الرأي العام فقط؛ فهذا يدل على أنّه يبحث عن الجانب السلبي للموضوع، ويثير مشاعر المجتمع للسخرية والانتقادات غير المنطقية.
ونشاهد أحيانا في بعض المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي أخبارا عامّة متداولة دون تفصيل، ودون التأكد من مدى مصداقيتها، أو توضيح الحقائق حول الموضوع، فقط مجرد أخبار عامّة تثير غضب المجتمع، وتستفزّ مشاعره، فما الهدف الذي يرجوه الفرد من نشر هذه الأخبار؟!
يقول علي محمد قايد: “عيبنا أننا نلوم غيرنا ولا نلوم أنفسنا، ونعيب غيرنا ولا ننظر لعيوب أنفسنا، ونتذمر من الأوضاع ولا نسأل أنفسنا عن دورنا نحن في الأوضاع التي نعيشها، والغريب أن الكثيرين يتشاءمون من الوطن، ويوجهون له اللعنات وليس لهم أي دور ومشاركة في بنائه، إنما هكذا يريدون ويطلبون، وكأنهم يريدون أن يكون الوطن جنة يعطي من ذاته دون أن يأخذ منهم شيئاً، وهذا هو حال الكثيرين، فكل فرد منا عنصر ينتمي لهذا الوطن، ولابد أن يتفاعل مع الوسط الذي يعيش فيه على أن يكون تفاعله إيجابيا وليس سلبياً، ويكون عضوا نافعا يعرف ماذا يعني الوطن، وماهي واجباته تجاهه، بحيث يسعى إلى إصلاح ذاته ونفسه حتى يكون صالحا، وهذا يعني صلاح المجتمع والوطن”.
فمن الجميل أن يطرح صاحب الفكر قضايا تلامس واقع المجتمع، قضايا يتم تداولها بهدف الوصول لحلول منطقية للقضية المطروحة، ومن الواضح بأنّ هناك قضايا ذات أهمية كبرى يجب علينا أن نتداولها ونطرحها وننتقدها الانتقاد البنّاء بما يعود بالنفع على المواطن والوطن، والابتعاد عن القضايا والأمور التي لا تسبب إلا البلبلة، أطروحات لقضايا هدفها غير سامٍ ولا مجدٍ، فكن عزيزي المواطن فطناً وذا فكر منفتح، فالوطن يحتاج لمصلحين، وليس لمن يزيد الطين بِلَّة!
