عمل الخير بلا تصوير
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
ترددتُ كثيراً قبل كتابة هذا المقال خوفاً من عدم الصواب، وأحسبني بإذن الله صائباً في تشبيهي لِما أراه منتشراً في وسائل التواصل الاجتماعي، بعد الحالة المدارية التي عصفت بشمال وجنوب الباطنة، والكوارث التي خلفتها الفيضانات جرّاء السيول الجارفة.
لقد كانت قلوبنا معهم وألسنتنا لا تكفّ عن الدعاء بأن يحفظهم المولى جلّت قدرته، وكما تعلمون فقد تضرر سكان بعض الولايات مع فقد الأرواح ودمار المنازل والأبنية والبُنى الأساسية، عانى سكان هذه الولايات من دخول المياه إلى منازلهم وخرابها وضياع ممتلكاتهم، نسأل الله الرحمة والمغفرة لمن فارقوا الحياة وندعو الله أن يكون في عون المتضررين. هبّ الجميع وشمّروا عن سواعدهم وهذا ليس بغريب على أبناء هذا الوطن لإغاثة إخوانهم بما يمتلكون من جهد ومال، جمعوا التبرعات وساهموا في البحث عن المفقودين إضافة إلى قيامهم بالعمل على تنظيف ما خلّفه الإعصار، بارك الله بجهود الجميع، ولكن ظهرت لنا عدسات البعض لتحثّ على عمل الخير والتطوع ونحسبهم عند الله مخلصين لعملهم، إلا أننا رأينا وسمعنا البعض يتحدث ويصور ما يقوم به من عمل ولا نعلم إن كان قد قام بذلك الفعل بنيّة حسنة أو غير ذلك، وهنا أحبّ أن أوضّح شيئاً قد يجهله من قام بذلك بأنّ أيّ عمل تقوم به يجب أن يكون خالصاً لوجه الله لا لهدف الشهرة.
فتصوير من تقوم بإغاثته مهانة ومَذلة ولا يرضي الله ولا نرضى بأن يُهان أيّ فرد من هذا المجتمع، فهذا يسمى بالرياء.
والرّياء اسم مشتقّ من مصدر الرؤية، وهو القيام بالأعمال والإتيان بها في سبيل الحصول على إعجاب النّاس، والرؤية تختلف عن السّمعة التي هي الإتيان بالأعمال ليسمع النّاس بها، وقد يُطلق عليها الرّياء، ويُعرّف الرّياء بأنّه مخالفة الأعمال الظاهرة لِما هو مخفيّ من النوايا الباطنة، بقصد الحصول على ثناء النّاس وحمدهم وإعجابهم، والأصل أن تكون نيّة الأعمال نَيل رضى الله تعالى، ويُقال: فلان راءى النّاس؛ أي أنّه نافق وأظهر أمامهم أعمالاً تخالف الحقيقة التي عليها المنافق.
المشهد المتداول من خلال مقاطع التصوير غير لائق ومنظر غير حضاريّ، وكم تمنيت عدم تداول هذه المقاطع فهي تسيء للبلد وأبنائه. البلاد ولله الحمد في خير ونعمة من الله والخير موجود في أبنائه من مواطنين ومقيمين، الجميع ساهم ويساهم لإعادة البناء والوقوف بجانب من تأثر من جرّاء الأنواء المناخية، ولكن لو أبعدنا عدسات التصوير لكان العمل خالصاً لله وبنيّة حسنة، أما التصوير من أجل “شوفوني وأنا أتبرع، شوفوني وأنا أتطوع” مرفوض رفضاً قاطعاً لا جدال فيه.
نعم نحن مع التصوير من أجل حثّ الناس كأن يكون تصوير المواقع المتأثرة من أجل تبيان الأضرار ودعوة الجميع للتكاتف، أما أن نقوم بالتصوير ونحن نقوم بالتبرع وإعطاء الناس هذا لا نقبله على أنفسنا وعلى أبناء وطننا العزيز.
شرع الله تعالى على عباده عدداً من العبادات، وجعل أساس الأعمال والعبادات الإخلاص فيها وصفاء النيّة لله تعالى، وعدم التظاهر والتفاخر فيها بين النّاس، والإخلاص في العبادات شرط لصحّتها ولقبولها عند الله تعالى، والرّياء صفة من صفات المنافقين، والواجب على المسلم التخلّق بالأخلاق الحسنة، وذِكر الرّياء كصفة من صفات المنافقين في القرآن الكريم.
قد يتفق البعض ويخالفني آخرون وهذه وجهة نظري ولكم حرية الرأي.