أيقظتني الأبواق المزعجـة
خليفة الحسني
الْحَيَاة اليَوْمِيَّة لِلْبَعْض منـا تتزاحـم عَلَيْهِ بِالْكَثِيرِ مِنْ الأعباء والمتاعب الَّتِي تَأْتِي دُون استاذان، وَحَتَّى فِي مساكننا تلاحقنا هـذه الْمَتَاعِب؛ ممـا يَكُونُ الْخُرُوجُ مِنْهَا لَيْسَ بِالْأَمْر السَّهْل، وبالـرغـم أنّ تِلْك الْمَسَاكِن هِي مَلَاذًا لراحتنا اليَوْمِيَّة وَلَكِن يَأْتِي مِنْ يُعَكِّر صفـوة هـذه الرَّاحَة الْبَسِيطَة، وأقـل الْأَمْثِلَة نضربها وَهِي أبْوَاقٌ شاحنات جَمْع َمخلفات الخـردة والإزعاج الْمُسْتَمِرّ مِنْهَا.
وَمَع ازدهـار هـذه التجـارة بِالسَّنَوات الْأَخِيرَةِ فَمَنْ هـو الْمُسْتَفِيد مِنْهَا؟ وَمِنْ اِنْتِشَارُهَا بأغلب المحافظات وَالْوِلَايَات بِالسَّلْطَنَة وَحَصَلَت عَلَى تراخيـص مِنْ الْجِهَاتِ الْمَعْنِيَّة وفـق الاشتراطات الْمُهِمَّة وَخَاصَّةٌ مِنْ الْجَانِبِ البيئـي والصحي والأمني لِمُمَارَسَة هـذا النَّوْعِ مِنْ الْعَمَلِ وَلَيْس للإزعاج وَإِيقَاظٌ الراحـة الْعَامَّة لِلنَّاس وهـذا هـو مَا يَحْصُلُ ويتكرر.
لِذَلِكَ هُنَاكَ الْكَثِيرِ مِنْ التساؤلات، فهـل فعـلا مـن مُرَاجَعَة شَامِلَةٌ حـول هـذه الاشتراطات الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا رَخُصَت هـذه التِّجَارَة ومـدى التقيـد بِهَا وَالْمُتَابَعَة مِن خـلال الزيارات الْمُسْتَمِرَّة وبشكل دَوْرِي وَمُخَالَفَة وَرَصْد المتجاوزيـن؟ فَضْلًا عَنْ طَرِيقِهِ جَمْع هـذه المخلفات وَخَاصَّةٌ مِنْ الْأَحْيَاءِ والمناطق السكنيـة الَّتِي تجمـع بِوَاسِطَة الشاحنات الصَّغِيرَة المنتشـرة والتابعـة لِتِلْك الْمَحَلَّات لِبَيْع وَشِرَاء الخُرْدَة، فَإِن هـذه الشاحنات تَجُوب الْمَنَاطِق الْمُخْتَلِفَة يَوْمِيًّا لِجَمْع هـذه المخلفات وَبِهَذِه الطَّرِيقَة (الغير حضارية)، وَمَا يَنْتُجُ عَنْهَا وَخَاصَّةٌ الأبواق الْمُزْعِجَة الَّتِي تُطَلِّقْهَا هَذِه الشاحنات خِلَال تجوالها بِكُلّ أَرْيَحِيَّة، وبأوقات مختـلفة بَيْن جَنَبَات السكـك والحوائر بالمناطق، وهـذا بِعِلْم الْجَمِيع.
حَيْث أنّ هُنَاك الْكَثِيرِ مِنْ الشكاوى مِنْ قِبَلِ بَعْضَ الأهَالِي المتضررين لـكون بَعْضٌ مَنْ سُكَّانِ هـذه الْمَنَاطِق يرقدون بِدَاخِلِهَا مِن أثـر أَمْرَاض مزمّـنة، وَمِنْهُم طاعنين بالسـن وبِحَاجَة إلَيّ الرَّاحَةِ وَالهُدُوءِ، وَلَكِنْ تَأْتِي هـذه الشاحنات وَتُطْلَق تِلْك الأبواق وَالْمَزَامِير الْعَالِيَة دُون أدنـى مُرَاعَاة لِهَؤُلَاء السُّكَّان ولخصوصيتهم، وَهِي بهـذه الطَّرِيقَة المؤذيـة لِلْبَعْض وَاَلَّتِي تَأْتِي بِتَصَوُّر أَصْحَاب هـذه الشاحنات لِتَنْبِيه أَصْحَاب الْمَنَازِل لِمَن لديـة مُخَلَّفَات هـذه الخُرْدَة، وهـذا بِالطَّبْع مُمَارَسَة خَطِيرَةٌ ومزعجة، ناهيكم عن الِاسْتِغْلَال الغّـير مُنْصِفٌ حـول شِرَاء هـذه الْمَوَادّ مِن الراغبيـن فِي الْبَيْعِ، وَهُم أَغْلِبُهُم مِنْ الْأَطْفَالِ وَبَعْض النِّسْوَة، فَضْلًا عـن مَا يَتِمُّ تَجَاوَزَه فِي هـذه الْمُمَارَسَة مَن سرقـات لِلْبَعْض، وَهُنَاك جَانِب آخـر وَهُوَ لَا يَقُلْ خطورة مِن الازعـاج، حَيْثُ يُوجَدُ بأغلب هـذه الْمَنَاطِق أَعْمَال إنْشَاءَاتٌ بِنَاء، سَوَاءٌ كَانَتْ مَنَازِلُ أَوْ مَحَلَّات تِجَارِيَّةٌ مِمَّا تَكُون مخلفاتها مِنْ مَوَادَّ، وَهِي بِمَثَابَة وجبـة دَسَمُه لِأَصْحَاب هـذه الشاحنـات الَّتِي تديـرها الْعِمَالَة الوافـدة، وَمَن خِلَال تجوالها وَغَالِبًا مَا تَكُونُ بِهَا عَامِلٌ وافـد هـو الَّذِي بِيَدِهِ زِمَامُ الأُمُورِ بالمحلات وبجمع هَذِه المخلفات، فَكَثِيرٌ مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ضعفـاء النُّفُوسِ مِنْ العمالـة الَّتِي تَقُومُ بِالْعَمَل بِتِلْك الْإِنْشَاءَات ببيـع الْكَثِيرِ مِنْ الْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَوَاقِعِ هـذه الأَعْمَالِ دُونَ عِلْمٍ صَاحِبُ الْعَمَلِ أَوْ صَاحِبُ الْبِنَاءِ، وَخَاصَّةٌ الَّذِين يقومون بِتَوْفِير تِلْك المـواد عَلَى حِسَابُهُم دُونَ عَمَلٍ اليـد مِمَّا يتـم التَّعَاوُن مَعَ بَعْضِ هَؤُلَاء الْعِمَالَة وَمَع عَامِلٌ الشَّاحِنَة فِي بَيْعِ تِلْكَ الْمَوَادِّ، وَبَعْضُهَا صَالِح للاستخدام كَالْحَدِيد وَغَيْرِه، وَلَكِن هـذه الْعِمَالَة تَجَاوَزَت وَتَعَاوَنَت لتنتـج هـذه الْأَفْعَال، وَأَغْلَب الْمَحَلَّات رُبَّمَا لَا تسجـل الْبَيَانَات الْوَارِدَة إلَيْهَا مِنْ الْمَوَادِّ الَّتِي تَجَمُّعُهَا بِتِلْك الاستمارة الموزعـة مِنْ الْجِهَاتِ الْمَعْنِيَّة لهـم بحصـر بَيَانَاتٌ هـذه الْمَوَادّ وَكَيْف آلـت إلَيْهِم، وَهُنَاك الْكَثِيرِ مِنْ التجاوزات مِنْ الْبَعْضِ فِي بيـع هـذه الْمَوَادّ الْمُخْتَلِفَة.
لِذَلِك تَكُون المطالـب بالرقابة الصَّارِمَة وكـف الأبواق الْمُزْعِجَة مِنْ تِلْكَ الشاحنات الَّتِي تَجْمَعُ هّـذه الْمَوَادّ، وَأَنْ تَكُونَ هُنَاكَ آلَيّة موحـده لهـذا الْعَمَل، والتنسيق التـام مِنْ قِبَلِ الْجِهَات الْمَعْنِيَّة، بِالْإِضَافَةِ إلَى تَعَاوَن الْجَمِيعِ مَعَ جُهُودٌ هـذه الْجِهَات لِمَا يَخْدُم الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَنَظَرًا بِأَن هـذه الْأَعْمَال تَعُودُ إلَى عُمَّالِة وافـدة الْبَعْضَ مِنْهَا تُسْتَغَلّ ظُرُوف النَّاسِ مَنْ خِلَالِ هـذه الْمُمَارَسَة الْغَيْر حضارية.
للموضوع بقيــة