ليتَ زمانَ الأمسِ.. يعودُ كرّةً
خلفان بن ناصر الرواحي
وليلٍ في رُبا الريفِ
أسدى لحافهُ
بظلمةٍ تغشى
في كل جانبِ
كموجِ البحرِ يأتي
ويرخي سدولهُ
ويرمي عَليَّ
بأنواعِ الخيالِ
من ماضٍ..
يُعشعشُ داخلي
ذكرى صحابٍ
كنت ملازماً
وذكرى تسامُرٍ ..
وزادَ المودةِ
كانت هنا يوماً..
بين بيوتِ الطينِ تارةً
أو عندَ ضفافِ الوادي الوسيعِ
بهيّ المنظرِ
فَقُلْتُ لَهُ لمّا تكرّر زائراً
وطالَ مكوثُ شريطِ الحزنِ
منهُ ونالني
ألا يا أيها الليلُ الطويلُ
تلطّف قليلاً..
فإني عاجزٌ
وأعِدْ إلى نفسي
ما يزيحُ كآبتي
وعِدني بصُبْحٍ
ينيرُ طريقي ويبهجُ
فيا لكَ من ليلٍ
طالَ مكوثهُ
وكأنَّ نجومهُ غربتْ
ولم تكنْ في سماءِ الكَونِ
شُهبٌ وأنجمٌ
فكأنني..
أعيدُ شريطَ الشوقِ
تارةً
ويغرقني حنينَ الأمسِ
فأحزنِ
ولم أقوَ على فراقِ
وقفةِ صُحبتي
فليت زمانَ الأمسِ
يعودُ ساعةً
وليتَ زمانَ الأمسِ
يُعيدُ مؤنسي
فيا أيها الليلُ الطويلِ
أقصِر الوقت منك
ودُلّني على صحابٍ
يعيدون إليِّ
ما كان يسرّني
فذاك زمانٌ ولىّ
دون رجعةٍ
وهذا زمانٌ
تفرَّقَ الشملُ فيهِ
وخانني
فليتَ زمانَ الأمسِ
يعودُ للورى
وليتَ شروقُ الشمسِ
يُطيِّبُ خاطري
وليتَ ظلامَ الليلِ
يتنفسُ معلناً
ويظهرُ نجمَ الليلِ
ويوهجُ فجأةً
كَنُورَ الثُّريا
بالسماءِ معلقٌ
ويؤنسني الصحابُ
بليلي.. وأزيل كربتي
ويعودُ إليَّ ما كنت فاقداً
وليتَ زمانَ الأمسِ
يعودُ كرّةً
ويفتحُ بابَ المودةِ
بين الناس.. ويبقى التسامحِ
وليتَ الصحبُ الكرامِ
يعيدون مجدهم
ويورث ذاك التآخي
ويبقى صداهُ
بين النشءِ خالداً