سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

من ذكريات الجدّات في وداع رمضان

راشد بن حميد الجهوري

هناك حيث الصفاء والفطرة النقية، وبعيداً عن صخب الهواتف ووسائل التواصل، في زمن البساطة والقناعة، تلتف مجموعة من بنات الحارة العمانية القديمة ينشدن أبيات في وداع رمضان، وأيّ رمضان كان يُظل تلك الزهرات، إنه رمضان البساطة في كل شيء، رمضان المحبة والرحمة والتعاطف والألفة، رمضان التشارك في مستوى المعيشة وقساوة الحياة، رمضان سفرة إفطاره من سعف النخيل، وأقداح شرابه من ماء الفلج العذب، واللبن إن توفر فهو من بقرة البيت، والتمرات على هذه الموائد المباركة أشهى طعام تمتد إليه أيدي الصغار والكبار.

البنات يتبادلن الابتسامات البريئة التي تعبر عن قلوب بريئة لم تلوثها تفاهة الإعلام التافه أو فضاءات التقليد والموضة، وكأني بهن وهن يركضن نحو مساعدة الأمهات في أرقى أنواع البر والطاعة، فتارة تراهن في جلب الماء من الفلج، وتارة في قص الحشائش للمواشي، وتارة في جمع التمور، وفي جدول مزدحم من العمل البسيط والمبارك في الوقت نفسه، وبين تلك الأعمال يرددن بعض القصائد والأناشيد.

من تلك الأناشيد التي حدثتني عنها جدتي- حفظها الله- ونحن في الأيام الأخيرة من هذا الشهر الفضيل، أنشودة بسيطة في كلماتها لكنها تعبر عن معانِ جميلة تنم عن نفوس تستشعر المعاني الإيمانية وقلوب حية رغم قلة التعليم، والأبيات هي مع تصرف بسيط فيها:
الوداع الوداع يا الرمضان
واليوم باقيك يا الرمضان
سعداً يلاقيك يا الرمضان
بخت حسن فيك يا الرمضان
واليوم باقيك يا الرمضان
عقد وطاياك يا الرمضان
واليوم باقيك يا الرمضان

ختامًا: هذه اللوحة الوداعية لرمضان من الزمن القديم الجميل تحمل الكثير من الدلالات وتختصر الكثير من المعاني، وتستثير في النفوس زوايا منسية يخفق لها الوجدان وتتزين بها الجدران، ولا نملك إلا أن نردد: اللهم تقبل منا صيام رمضان.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights