2024
Adsense
مقالات صحفية

منصات العمل الرقمية أحد أبرز ملامح التحول الرقمي في سوق العمل العالمي

صالح بن محمد خير الكعود
باحث وطالب دكتوراة في تنمية الموارد البشرية – الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا

منصات العمل الرقمية أحد أبرز ملامح التحول الرقمي في سوق العمل العالمي، فأضحت منصات العمل الرقمية جزءاً مهماً من سوق العمل العالمي، مستفيدة من ثورة تكنولوجيا المعلومات والإتصالات التي سهلت أداء الأعمال بشكل متسارع، حيث تقوم هذه المنصات بربط العملاء بالعمال المشتركين في هذه المنصات للإستفادة من خدمات معينة، مثل خدمات توصيل طلبات الطعام، توصيل المشتريات من الأسواق الإلكترونية للمنازل، وطلب سيارات الأجرة وغيرها. خلقت هذه المنصات فرص غير مسبوقة للعمال والشركات والمجتمعات، وذلك لما تتمتع به من مرونة وفعالية عالية، وتخفيض كبير للتكاليف الرأسمالية، حيث أرتفع عدد هذه المنصات منذ عام 2010 حتى الآن خمسة أضعاف على الصعيد العالمي.
هناك نوعين من المنصات إما أن تكون إلكترونية يؤدي فيها العمال المهام على الإنترنت، مثل خدمات البرمجة والمونتاج والترجمة وإدخال البيانات وغيرها من الخدمات الرقمية، وأما النوع الآخر من المنصات الإلكترونية هي التي تقدم خدمات فعلية على أرض الواقع، مثل سيارات الأجرة، عمليات التوصيل، الخدمات المنزلية وخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية.
وأما بالنسبة للقوى العاملة فهناك نوعين من العاملين، النوع الأول العاملين الأساسيين اللذين توظفهم المنصات مباشرة كموظفين متعاقدين، والنوع الآخر فهم الذي تعمل المنصة دوراً وسيطاً بينهم وبين عملائهم.
قامت منظمة العمل الدولية بمسح إحصائي شمل 12 ألف مشارك لإلقاء الضوء على المنصات الرقمية في عدة قطاعات وعدة دول، ونشرت تقريراً بعنوان ( تقرير الإستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: دور منصات العمل الرقمية في تحويل عالم العمل)، كشف هذا التقرير أن غالب العاملين في هذا القطاع دون سن 35 عاماً، وغالبهم من الذكور، وكشف التقرير أيضاً أن أكثر من 60% من المشاركين على درجة عالية من التعليم، ويعتبر هذا العمل المصدر الرئيس لدخل معظم سائقي سيارات الأجرة عبر التطبيقات بنسبة 84% ، وعمال التوصيل بنسبة 90% ، ونحو ثلث عمال منصات الإنترنت.
أشار تقرير منظمة العمل الدولية إلى أن هناك تجارب مثيرة تستحق الوقوف عندها وتشجيعها، ففي الدنمارك تعتبر بعض المنصات أن العاملين موظفين لديها يتمتعون بكامل الحقوق، كما أن هناك منصة في البيرو تقدم رواتب للمتقاعدين لديها، وهناك منصات في فرنسا تضمن حق التوقف عن العمل، والحصول على أجر لائق. معظم هذه التجارب تعتبر إيجابية وتشكل خطوة نحو حماية العاملين، وتحقيق الأمان الوظيفي لديهم، لكنها رغم ذلك تعتبر الاستثناء وليس القاعدة.
انتشار كوفيد 19 منذ نهاية عام 2019 ومطلع عام 2020 جذب الإنتباه بشده إلى العمل الرقمي وأصبحت معظم الشركات مضطرة إلى تقديم خدماتها عبر الفضاء الإلكتروني، وأضاف أنشطة إقتصادية جديدة شملت معظم جوانب النشاط الإقتصادي. ففي دراسة حديثة أجريت عام 2020 كشفت أن نسبة 88% من المديرين التنفيذين لدى الشركات طلبوا من موظفيم أداء أعمالهم عبر الفضاء الإلكتروني من منازلهم. وتبين هذه النسبة الإتجاه القوي لرقمنة الأعمال والخدمات.
تعزى شعبية منصات العمل الرقمية لساعات العمل المرنة وحرية إختيار المهام والمكان والزمان، كما أنها تعتبر فرصة لهؤلاء الراغبين بتحقيق دخول إضافية. ورغم منافعها الكبيرة، تظل هناك مسائل عديدة تحتاج إلى ضبط وتنظيم النشاط الإقتصادي فيها، لا سيما أن هذه المنصات تعمل خارج نطاق العمل الرسمي، ولا يوجد للحكومات عليها سلطة، ولا يحكمها نظام عمل. إن معظم منصات العمل الرقمي تضع اتفاقيات من جانب واحد، إذ تحدد هذه المنصات جميع ظروف العمل، مثل الأجور وساعات العمل وفض النزاعات. قضايا التنازع العمالية بين العاملين وأرباب العمل في سوق العمل الرقمي من القضايا التي تحتاج إلى بحث وتنظيم وإشراف من قبل الحكومات ونقابات العمال. ويمكن أن تلعب منظمات أممية مثل منظمة العمل الدولية دوراً في وضع ميثاق مبادئ لتنظيم العمل الرقمي.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights