سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

الأزمات تكسبنا الخبرات

حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة

الأزمات التي تعصف بنا تتيح لنا كسب الخبرات من خلال المعطيات والمواقف التي مرت بنا، ونحن نعيش مع العالم أجمع أزمة حقيقية سواء كانت أقتصادية، أو الظروف الحالية بسبب جائحة كرونا، فالجائحة ليست وليدة اللحظة، وهناك تجارب مررنا بها، وتجارب أخرى اتخذتها دول العالم وعلينا الإستفادة من تجاربنا وتجارب الغير للتمكن من التعايش مع هذا الوضع والظروف التي نمر بها.

نتحدث كثيراً ونعمل قليلاً ولا ندرك مدى تأثيرنا على الغير، نخوض مع كل خائض ونبدي آراءنا في كل شاردة و واردة، ويقال (اللي بإيده القلم ما يكتب عمره شقي) وليس المقصود هنا بالكاتب، بل المسؤول الذي تحمل أمانة كبيرة وهي المسؤولية في عمله، فكل تقصير لن ينسبه إلى نفسه على عكس النجاح، سيبتسم لعدسات الكاميرات، وسيصرح ويتفاخر بهذا النجاح.

رأيت بأم عيني رجال تبكي وتتحسر، وآخر المقاطع التي شاهدتها عبر وسائل الاتصال بحساب إحدى الإذاعات المحلية رجل يبكي من الحرقة وهو يتحدث ويصرخ بأعلى صوته، أتعلمون لماذا؟
بسبب تسريحه من العمل ولا يجد لقمة تسد رمق أهل بيته، وديون متراكمة على ظهره المكسور والشيب يكسو رأسه ولحيته.

رأيت بأم عيني امرأة كبيرة في السن حين بكت بعد سداد ديونها وهي تبيع مفترشة الأرض حين جاءها خبر أفرح قلبها بأن ديونها قد سددت، وكم هذه الدموع حارقة رغم سعادتها بهذا الخبر.

قرأت عن قصة رجل دخل رجال الضبط للقبض عليه داخل منزله وهو يأكل التمر مع أطفاله، وكانت كما أشار الكاتب تلك وجبة عشاء له ولأطفاله.

كم هي مؤلمة هذه القصص ومؤثرة لمن يقرأ ويتابع أحوال غيره، غير مدرك النعيم الذي يعيش فيه.

حين نفكر في أحوالنا وديوننا المتراكمة بسبب متطلبات الحياة يبيض الرأس شيباً بسببها، إلا أننا نحمد الله على كل شيء، فهناك من هم بلا عمل ولا دخل يذكر، البعض يفترش الأرض يبيع أي شيء من أجل الحصول على قوت يومه.

لا نعترض على قرارات اللجنة المكلفة بالبحث عن آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن فيروس كرونا، ونشيد بعملها مشكورة، ولا نشكك في عملها بل نقف صفاً من أجل إنجاح مساعيها ولكن ….

لو نظرنا للجانب الآخر؛ ما ذنب المتضررون من النتائج المترتبة عن هذا الإغلاق ومنع الحركة، هل تم وضع ذلك في الحسبان؟

هذه الفئة هي أكبر المتضررين، ورزقهم على الله يستغلون فيها أيام الشهر الفضيل للبيع وكسب الرزق وسد لقمة العيش .

البعض وهم نسبة كبيرة ممن يعملون خارج محافظاتهم سيتدبرون أمرهم خلال فترة الإفطار فالمطاعم والمحلات مفتوحة، ولكن لو تحدثنا بأن الإغلاق يبدأ في تمام التاسعة، ألا يحتاجون لوجبة السحور؟ وهي في وقت متأخر، فهل سيخزنون مأكلهم حتى ذلك الوقت وكيف؟

أما بالنسبة للموظفين الذين تنتهي ساعات عملهم في تمام الثانية ظهراً، سيعودون لبيوتهم ويحتاجون إلى أخذ قسط من الراحة، وسينتشرون في الأسواق عصراً وستكتض بهم، وسيزداد الإزدحام في وقت قصير قبل موعد الإفطار، وسيترتب على ذلك الإختلاط الذي لا يحمد عقباه انتشار الفيروس بشكل أوسع بين فئات المجتمع، فهل وضعنا ذلك في الحسبان؟

ناهيك عن الفترة التي تسبق الإغلاق ومنع الحركة بعد الإفطار، وحتى التاسعة مساء فهي ستكون فترة الذروة للتسوق وشراء الإحتياجات فهل خططنا لمثل هذا السيناريو؟

حدثني أحد الأخوة عن وضعهم في العمل بالقطاع الخاص أن ساعات عملهم ستبدأ تمام التاسعة مساء حتى الثالثة فجراً دون أي امتيازات ممنوحة من قبل الشركة، ناهيك عن ساعات العمل النهارية ونظام العمل بالقطاع الخاص.

وهنا أوجه رسالة أخرى للأخوة الإعلاميين ورواد وسائل التواصل الاجتماعي، تكاتفنا مع اللجنة المكلفة واجب وطني والإختلاف في الرأي وارد، ولكن يجب أن نبدي برأينا دون انفعال أو التلفظ بعبارات جارحة وكلمات مسيئة، الطرح الحسن والإيجابي مطلب بالنقد أو بالمقترحات، جميعنا نعمل من أجل مصلحة الوطن ومن يعيشون على ترابه.

نأمل من اللجنة المكلفة بالبحث عن آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن فيروس كرونا مراعاة الجوانب التي ستترتب عن الإغلاق ومنع الحركة، والوقوف على ذلك من أجل ايجاد الحلول لإدارة الأزمة، والأوضاع التي تمر بها بعض الفئات من المجتمع.

حفظ الله عمان وسلطانها وأبناء هذا الشعب الوفي .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights