رحيل مفاجىء للفارس الشيخ حارث الدغيشي
سالم بن رشيد الناعبي
فقدتْ بركة الموز فارسًا ماهرًا شجاعًا من فرسان ميدانها، ومصلحًا في أرضها بعطاءاته السخية، رجل دولة وأخلاق ومن الصف الأول في النائبات، رحيل أبي أحمد حارث بن سيف الدغيشي، إلى دار البقاء كان مفاجئًا، اللهم لا اعتراض على إرادته، فهو الذي يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير.
ترك كبير الشيم أبو أحمد على الساحات مآثر لا تحصى ولا تعد، فتلك السبلة الجامعة تنطق جدرانها عن كيفية شموخها، وتكاتف أهل الصلاح في نهوضها، وسواقي الفلج تتحدث عن ترميمها، والطرقات عن يُسر المسير عليها، والمآذن عن عمارة المساجد، والنادي الذي أرسى دعائمه فأصبح – فيما بعد- قلعةً يتحصن الشباب عليها، والأرض التي أفلحها أعطت ثمارها، هذه المعالم مجتمعة الأركان تُقدم شهادات اعتراف وتقدير لمُصلحها، وإسهاماته المباركة في عضد كلّ من يفعل الخير، ويقدمه هدية لوطنه.
فقيدنا الراحل بكته بحور اللكبي وجبال بدبد، وسيوح المضيبي وعين الثوارة بنخل، طاف بهذه الديار المباركة الخيرة واليًا ونائبًا، وخلف وراءه ماضيًا طيّبًا كطيبة واحترام أهلها، فمن خلال معايشتي لهذه الشخصية المميزة الفذة، وجدت في حياته قصة رجل عصامي شامخ، في صمته فكرة وفي كلامه حكمة، عزيز قومه رفيع المقام بين أهله، تزهو مجالس الرجال بحضوره، ويفتقد كالبدر في الليلة الظلماء عند غيابه، صحبته غنيمة وصداقته حميمة، صاحب نخوة وشهامة، يملك قوة الحزم والحسم والعزم، ذو هيبة وقوة، لكنه يحمل قلبًا رحيمًا وعفوا، وتسامحًا حتى مع من أساء إليه، رجل وقور وبيته مفتوح وصدره منشرح، يحمل رأيًا سديدًا ومشورة، إن قال صدق وإن وعد أوفى بعهده.
وهذه أبياتٌ متواضعة للأستاذ: علي بن سليمان اللويهي إكرامًا لروح الفقيد:
عقلي ينازعُ… المصابُ كذوبُ
والعينُ تسكبُ والقلوبُ تذوبُ
يا حارثَ الأخلاقِ طيباً تَلبسُ
أنتَ الحبيبُ وللقلوب طبيبُ
ولقد فُجعنا والكريم مفارقٌ
إنّ الكريمَ بحسنهِ محبوبُ
نمْ في جنانِ الخلدِ أفضل مسكنٍ
دارُ النعيمِ مقامه مطلوبُ
اللهم ارحم عزيزا عزّ علينا فراقه، وارزق أهله وذويه الصبر والسلوان إنك على كل كلّ شيء قدير.
مسقط في يوم الأحد 2021/4/4