2024
Adsense
مقالات صحفية

حفريات المشاريع وآثارها المجتمعية

خميس بن محسن بن سالم البادي

مما لا ريب فيه أن المشاريع التنموية الخدمية في عموم ولايات السلطنة تمر باجراءات عدة قبل تنفيذها بما في ذلك دراسة المشروع ومدى الجدوى من إقامته وعمل الخرائط اللازمة لإنشائه، ثم طرحه للمناقصة لتتنافس على تنفيذه الشركات المختصة من خلال عطاءات سرية يتم تقديمها عبر مظاريف مغلقة في موعد محدد، حيث تفتح تلكم المظاريف من قبل الجهة المعنية فيُعتمد أقلها سعراً، وبذلك تبدأ الشركة التي اعتمد عطاءها ورست عليها المناقصة بتنفيذ المشروع وفق المواصفات والشروط المحددة بناءً للخرائط والعقد المبرم.

و يكمن حديثنا هنا حول المشاريع الأساسية التي تحتاج لحفريات وأنفاق أرضية سواء العميقة منها أو متوسطة العمق والتي غالباً ما تكون قاطعة للطرقات الداخلية سالكة المسار ما بين الأحياء السكنية والعقارات التجارية والمباني الحكومية والخاصة، وحاشا أن يكون العماني هنا نداً عائقاً في شأن تنمية الوطن ورفاهية وخدمة المواطن والمجتمع، ولكن كما نعلم جميعاً أن الطرق والأملاك العامة صرفت عليها مبالغ باهظة لإقامتها حتى تكون كما يُراد لها من التهيئة الإنشائية وبما يجعلها متاحة لاستخدام الجميع بشكل جيد ومُرضي وفق الغرض الذي أقيم لأجله ذلكم المرفق الخدمي وليس الطريق فقط بل عامة المشاريع، كما هي الحال ذاتها حول ما يتعلّق بالأملاك الخاصة بحيث يتكبّد المواطن مبالغ يعلم الله فقط كيف هو تدبّر أمر توفيرها لإقامة مشروعه سواء التجاري مثل المحلات والأبنية أو المنزل الخاص به وما يحيط بعد ذلك بالمبنى من أشجار الزينة والبلاط المتشابك والأرصفة التجميلية وربما مواقف السيارات المظللة والتفريش الحصوي (الكنكري) التي صَرف عليها مبالغ طائلة هي الأخرى من غير قيمة مشروع المبنى الرئيسي.

ثم تأتي الشركة بمعداتها وآلياتها فتبدأ بالحفريات في المنطقة المحددة لها وفق خريطة مسار المشروع فتعمل على الحفر والقطع للأملاك العامة والخاصة، سندها وحاميها في ذلك اتفاقية تنفيذ المشروع الموقعة بينها والجهة الحكومية ذات العلاقة، وكما أسلفنا لا اعتراض على إقامة المشاريع التنموية ولكن ماذا تضمنت اتفاقية التنفيذ المبرمة بين الشركة والجهة الحكومية المعنية؟، من حيث جبر الضرر الذي تحدثه الشركة أثناء تنفيذ المشروع والذي يتخلله الكثير من القطع والخلع في الطرق والبلاط المتشابك والأرصفة وركائز مظلات المواقف وغيرها، فما نراه بعد تنفيذ الحفريات وإعادة ردمها بأن الأملاك في بعض المواقع لا يعاد تركيبها وتهيئتها كما كانت قبل إجراء الحفر، بل يتم ذلك بشكل عشوائي وربما من عمالة غير فنية ومختصة ولذلك تظهر على الإسفلت الندوب في مواقع منه والأضرار بمواقع أخرى، مما يسبب ذلك أضرارا في المركبات نتيجة سوء إعادة رصف الإسفلت بما يتساوى مع الطبقة السابقة هذا غير تشويه المظهر الجمالي للطريق، وكذلك حال البلاط والأرصفة التي لا يعاد تركيبها بالكيفية التي كانت عليها، واختلاط أتربة الحفر بالبساط الحصوي الأمر الذي يتسبب بتجمع المياه فيها مشكلة برك ومستنقعات بين المساكن والمنشآت وتكون بؤر لتجمع البعوض والقاذورات ثم اختلاطها بالأتربة لتتحول إلى وحل يضر بمستخدمي الطرق والسكك.

ولضمان إعادة البناء كما كانت عليه الحال قبل الحفر فإن عاتق ذلك لا شك يعود إلى الجهة الحكومية المعنية بالأمر، وذلك من خلال أهمية تضمين بنداً بعقد اتفاق تنفيذ المشروع يلزم الشركة المنفذة بذلك والسماح لصاحب العلاقة بتقديم شكوى ضد الشركة حال لم تنفذ ما جاء ببند إعادة البناء وفق ما كان عليه، أو تمكين صاحب العلاقة من تعيين من يراه مختصاً في إعادة البناء على أن تتكفل الشركة المنفذة بالمصاريف كاملة، وفي الحالتين يجب أن يدعّم الموقع بالصور قبل قيام الشركة بحفرياتها بغرض إجراءات إلزامها بالبناء كما كان، هذا من جهة، وعدم استغلال صاحب العلاقة بمطالبات خارجة عن الموضوع من جهة أخرى وذلك حفظاً لحق الطرفين.

وإن ذلك من شأنه أن يحافظ على الممتلكات زاهية جميلة من غير مشوّهات ويكون حقٌ مُصان يطمئن المالك بالمحافظة على أملاكه ومقتنياته من عبث الشركات التي لا هم لها عدا الكسب حتى ولو كان ذلك على المصلحة المتعلقة على ملك الغير، كما نجد عبر هذا السياق أن الطرح مناسباً لنوجه نداء لكل وزارة معنية بإقامة المخططات الإسكانية وهو مطلب عام تكرر سابقاً من خلال فرص مماثلة في شأن إيجاد البنى الأساسية والخدمية المختلفة في المخططات الإسكانية قبل توزيع قطع الأراضي على المستحقين، وذلك تجنباً من الهدم بعد البناء بحجة إقامة مشروع عام خدمي معيّن ومد أنابيب أرضية احتياطية قد يتطلب الأمر استخدامها مستقبلاً في توسعة أو استحداث مشروع جديد.
حفظ الله عُمان وشعبها وأدام الله علينا النعم وكشف عنا النقم.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights