مياء الصوافية
رحلتُ وما سالت من عيونكم غزير العبرْ
وما مامجتْ بين صدوركم زفرات الضجرْ
وما لوّحتْ أياديكم وداعاً لمّا امتطيتُ الظعنْ
أهذا جفاءٌ أمْ صرم حبالٍ لعزيز لم يخُن؟
سلاماً .. سلاماً.. سلاماً
سلاماً يا إخاء الفؤاد
سلاماً في كل وادٍ ونادْ
سلاماً من عينٍ استدار الركب عنها لكنها لم تدرْ
كأن عينها حين حان الوداع جمرات من حرٍّ مُستعرْ
سلاماً .. سلاماً.. سلاماً
ولملمتُ باقي الفؤاد، وشيئاً مما قد عَبر
من ذكرياتٍ خُزنت في جرار القلوب
وتنهيدة شوقٍ وأشياء أُخَر
سلاماً .. سلاماً.. سلاماً
وسارت الركاب لكن قلبي لم يسرْ
فهو بين أماني ورضىً مما قد قدرْ
مابين روضٍ وبيداء وجلى
تمر الليالي عليه وتباريح نجوى
سلاماً .. سلاماً.. سلاماً
وعشش القلب في داركم
يرتجي حُنواً من ودادكم
وجسداً كان بينكم طار فراراً من هجركم
سلاماً .. سلاماً.. سلاماً
أهذا عهد الوفاء؟ أهذا خُلق حرٍّ سمح؟
له من الزيتون سلاماً ومن الورد بوحاً
وله من مآقي العيون مدامع تسح
وحين تأتي تباشير إيابكم
ألم يندمل سيل من جراح؟
والقلب كأنه خيلٌ في ساح؟
سلاماً .. سلاماً.. سلاماً
وتحت شجيرات الديار
صنعنا عقوداً من نرجسٍ وفلّ وأكاليل غار
وزينا بعد الإياب جباهاً لكم كوسام افتخار
ألا تذكرون كم كنا رماداً من حرّ الانتظار؟
ألا تذكرون كم تجاذبنا حديث سرور؟
وتعالت ضحكات سمر
ووشوشت بقصص مزاح على آذانكم وشيء من حلو الخبر
وعلى جبالٍ شامخاتٍ وبين تلال وكلّ ثغر
تبعنا سوياً أسراب خيرٍ وما جاد من شهدٍ وانهمر
وتقاسمنا من الحياة حلواً ومُرّا
ومما حوته أخباركم جهراً وسرا
سلاماً .. سلاماً.. سلاماً
أحقاً غابت عن الذكرى ملامحي؟
كغياب قطعة سكر في قدحي
كغياب عن الأرض المطر
بعدما أسكنتها في قصور من قدر
أأضحى ودادي مقطوعاً بأشواك من هجر؟
سلاما
و أفلتْ شمسي عن أفق الأصيل
واشتدّت نار هجرٍ في ليلٍ طويل
فهزجتُ الشعر منشداً عزفاً مريرا
موال عتبى وأبصرت الأمور
سلاما….
