حمد بن سعود الرمضاني أبو سلطان
جبلت نفوسنا للبحث عن الطمأنينة والوداعة والسكينة والهدوء، في عالم سريع تتقلب فيه الأمزجة وتموجات مؤشر حرارة الأجساد، بين صعود يخنقنا في تضاؤل الأكسجين، ونزول هابط سريع يزداد عنده الضغط على كتل أجسادنا، تتصدع عنده مكنونات جماجمنا، وترتعش معه عظام أطرافنا، وتتراقص مخيلة أفكارنا في تشتت وحيرة، تنهار أجسادنا الواهنة بنفاذ طاقتها الكامنة، وتتألم جراحات قلوبنا المتعبة، خصوصا بعد يوم شاق طويل مليئ بالكفاح والمشقة والعناء، يتحمل فيه الإنسان ضربات متتالية من الآلام الموجعة والأحمال المثقلة الكاسرة، هياكلنا القاصرة والمحدودية التحمل تئن تحت وطأة أوزان الكتل المتساقطة على رؤوسنا. نبحث عن وسادة حريرية تمتص تعب الأيام ، عن نسمات هواء نقية تعيد لنا أرواحنا لننام، عن لمسة حنان تستل رماد الحرقة من أجسادنا، عن قطرات ماء تتسرب برودتها لتخترق شرايين وأوردة حياتنا فنحيا بها، عن بيت دافئ تحتضنه السكينة والهدوء والأمان، عن مجرى خرير ماء تتراقص أوتار سيمفونيته تلامس قلوبا مجروحة محرومة من ذائقة الأيام، إلى أذن تسمع أنات قلوبنا المترهلة برماة السهام…
إنها متطلبات تتوق إليها النفس البشرية، وضروريات برمجها العقل البشري في إرشيف ملفاته الأبدية، ينشدها كلما أتيحت له فرصة الاستمتاع والترويح بها في حدائق خيال جمالها وروعة إبداعها، والتنفس بعبير أريج زهر متطاير يلامس ذائقتنا …
ولكن تبقى القلوب تخفق اشتياقا إلى صديق قريب أو أخ حبيب، قادر على ارتشاف هذه الأوجاع والآلام، وإزاحة أثقالها بسعة صدر ورحابة قلب عن كاهلنا بكل أمانة وإخلاص ودون منة وتردد وارتياب.
