2024
Adsense
مقالات صحفية

لسانك حصانك…

خلفان بن ناصر الرواحي

يقال إن اللسان يوقع الإنسان في الموبقات ويورث الحسرات والآفات، وهناك حكمة بالغة ومعروفة منذ القدم “لسانك حصانك إن صنته صانك، وإن خنته خانك”. فهكذا هو حال بعض البشر؛ يحب أن يكون لسانًا طويلًا لا يكل ولا يمل، فيقدح ، ويشمت ، وينتقد، ويفضح، ويغتاب ويتباهى بعمله، ويظن أنه صاحب الشهرة، ويعتقد في قرارة نفسه أنه الأفضل والمتفرد بحسن الخطاب، ونقل الشائعات ويتفنن في سرد تلك الأوهام المظللة، ويغفل عن مرآة الآخرين لصورته الحقيقية التي يتقمصها ولا يبالي بالعواقب.

لقد كثر في زماننا أمثال هؤلاء وتربع بعضهم منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يدرك أن الخوض في أعراض الناس هي عين الغيبة، سواءً ذكرت بعضاً من البشر في بدنه أو نسبه أو خُلُقه أو فعله أو قوله أو دينه أو دنياه، أو حتى ثوبه وداره أو بلده أو ثقافته. ولم يراجع البعض نفسه ويتأمل العذاب الجاري على قواعد العدل الإلهية، في مناسبة العذاب للجرم والذنب الذي يرتكبه على فعلته. وجعل حياته استسهالًا ولم يعر إثم الغيبة واستصغر شأنها بتحقير ذنبها.

فيا لها من مصيبة، وَيَا لها من ريبة عندما تجد من يتابع ويتحمس لمتابعة أمثال هؤلاء، ويشاركهم بالإصغاء إلى الغيبة وسماعها على سبيل التعجب والرضا بها، وينقلها بكل سهولة بالتمرير السريع، ليسابق الآخرين في نقل الخبر الحصري، ولم يعلم أن ذلك يعد مشاركة للمغتاب في الغيبة، خاصة إذا كان الشخص يظهر التعجب عند السماع ليستخرج كمال الغيبة من المغتاب.

لهذا جاء التحذير الإلهي في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾[الحجرات: 12].
فهنا نقول الحذر الحذر من عثرات اللسان، فإنها الهالكة وتوقع صاحبها في الموبقات والدركات، وتورث الحسرات والآفات، فقد جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء تكفّر اللسان، تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا».

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights