2024
Adsense
مقالات صحفية

اختلف العرب حتى ربيعهم

ناصر بن خميس الربيعي

الربيع فصل من فصول السنة يتوسط فصلي الشتاء والصيف تُزهر فيه الأشجار فتُورق من جديد معلنةً حياةً جديدةً ينعم الإنسان فيه بالرخاء والاسترخاء إلا ربيعنا نحن العرب فقد اختلفنا كالعادة عن بقية الأجناس فكان ربيعنا كصيفنا كبرودة شتائنا، لم يحرك ساكناً عدا الأحقاد والفتن فشمت بنا القريب والبعيد.

   عُرِف العرب بالتميز في كل شيء فهم الأفضل سجية والأحسن معشراً والأجمل هنداماً والأطيب سلوكاً وقد شهد لنا بذلك بقية الأجناس، فقد كان لنا القدح المعلّى عند ملوك الفرس والروم ثم جاء الإسلام فزادنا شرفاً ورفعةً بين الأمم، ليصبح العربي المسلم مفتاح التقدم والرقي حامل مشعل النور للبشرية أينما حل وارتحل، وقد تقلبت بنا الدول وصروف الدهر حتى ضَعُف أمرنا بين الأمم وتكالبت علينا الدول ثم جاء الربيع الذي خِلْناه خيراً فكان الشر بعينه.

 بدأ ربيعنا العربي مختلفاً كعادتنا، فكانت بدايته من إفريقية ( تونس) على يد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه احتجاجاً على مصادرة العربة التي مثّلت مصدر دخله وأسرته، ولكنّ هذا الربيع استلذّ المُكْث فها هو بعد أيام قليلة يدخل عامه الخامس عشر ولا يزال يكتم أنفاسنا لما خلّفه من همًّ وكدر، فقد أهلك أكثر مما أنبت.

    وسرعان ما حملت الرياح اللواقح هذا الربيع ودفعته إلى مختلف الدول العربية، ليأخذ معه كل التميز والفخار الذي حفظته نفوسنا عبر الأزمان ويُبْقي لنا الأحزان والذل والهوان، فقد كانت الريح عقيماً لا تُبقي ولا تذر؛ لندرك اليوم أن ربيعنا قد سُرِق منا منذ ولادته، فها هو اليوم وبعد أربعة عشر عاماً يُتْحفنا بالثمار التي لا خير فيها ولا طعم لها سوى الألم والأسى ليجعل منّا أضحوكة الأمم، فهل وصلت دولنا العربية إلى مرحلة الشيخوخة كما قال ابن خلدون؟ ليتها وصلت لتلك المرحلة فلم نعد نحتمل ما يحدث من قتلٍ وتهجيرٍ وكبتٍ للأفواه ومصادرة للرأي وحرية التعبير، ربّما وصل العُرْبُ إلى أسوأ مرحلة كما غنّى لطفي بوشناق.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights