رفقاً برياض الأطفال
يونس العنقودي
قال الأقدمون (العلم في الصغر كالنقش في الحجر)، ولذا فقد حرصت الكثير من الأمم على تربية أبنائها وتعليمهم منذ نعومة أظافرهم، وما كان من توجه لنشر التعليم المبكر أو ما يسمى التعليم قبل المدرسي وما هو إلا وسيلة لتهيئة الطلبة لدخول المدارس وهم مستعدون لتلقي مختلف صنوف العلم والمعرفة
في ظل الجائحة التي عمت العالم أجمع، وبدأت تبعاتها على مختلف القطاعات في شهر مارس الماضي، وأثرت تأثيراً سلبياً في المشاريع الاقتصادية بشكل خاص ومن بينها المدارس الخاصة، ومرحلة رياض الأطفال بشكل أكبر خصوصية؛ كون أن هذه الفئة من الطلبة تحتاج لمن يعينها على القيام بواجباتها المنوطة بهم من قبل معلميهم، واعتمادها بشكل كبير على طريقة التلقين في تلقي المعرفة المباشرة، فكان التحول المفاجئ من التعليم المباشر للتعليم الإلكتروني فرصة لكثير من أولياء الأمور لتكون حجة للتوقف عن سداد ما عليهم من مستحقات، ضاربين عرض الحائط التزامات المدارس الشهرية، والتي لا مصدر لها غير الرسوم الدراسية التي تتقاضاها المدرسة نظير هذه الخدمة بالرغم من استمرار المدارس في العملية التعليمية بالوسائل التقنية.
تجرعت المدارس الخاصة ورياض الأطفال هذه الغصة على أمل أن تستفيق من الأزمة التي مرت بها مع بداية العام الدراسي الجديد لتبدأ في الوفاء ببعض الالتزامات المتراكمة عليها من إيجارات ورواتب وتأمينات وأقساط بنوك التمويل وغيرها، متفائلة ومبتهجة بقرب انتهاء الأزمة، وقامت بالتحضير والاستعداد لبدء العام الجديد آخذة في اعتبارها الإجراءات الاحترازية التي أعلنتها الوزارة في البروتوكول الصحي، كما قامت عدة لجان من الوزارة بزيارة لتلك المدارس للتأكد من جاهزيتها لانطلاق التعليم المباشر لتأتيها الصفعة القاصمة قبل يوم واحد من بدء الدوام المدرسي بإعلان أن التعليم في مرحلة رياض الأطفال سيكون عن بعد، وخياره الثاني هو تجميد المدرسة إن لم تكن مستعدة.
هذا الخطاب أثار موجة هستيرية من الجنون لدى ملاك المدارس وإداراتها ومعلماتها اللاتي صبرن وانتظرن الفرج سبعة أشهر عجاف، وعلى سائقي الحافلات الذين انتظروا الفتح المبين ليسعدوا بما يستلمونه من أجور من هذه المدارس التي يمكنهم من الوفاء بالتزاماتهم المتزايدة يوماً بعد يوم.
ألم تكن فترة بدء الدوام المدرسي للمعلمين من نهاية شهر سبتمبر كافية لدى المختصين والمعنيين بالتعليم الخاص لتحديد آلية العمل في هذه المدارس؟؟
ألا يعرف المختصون في التعليم الخاص أن جل معلمات مرحلة رياض الأطفال من العمانيات اللاتي ليس لهن مصدر دخل غير هذا العمل؟؟
ألا يعرف المختصون أن سائقي الحافلات أكثرهم من الباحثين عن عمل أو متقاعدين أرهقتهم متطلبات الحياة، فاستعانوا بالحافلات لتكون مصدر دخل مساعد لهم؟
ألم يكن لدى مصدري القرار علم بأن هذه المدارس لديها التزامات كثيرة تبدأ بإيجار المبنى المدرسي، ويتبعه القروض البنكية والتمويلية وغيرها؟
أليست هذه أسباب كافية لوقف نزيف المدارس الخاصة والإعلان عن التعليم المباشر المشروط بالإجراءات الاحترازية المشددة والرقابة من قبل مختلف القطاعات المعنية بهذا الأمر؟
هذه رسالة مناشدة أتمنى أن تصل لتعيد الوزارة ومسؤوليها النظر في هذا الأمر؛ لأنه بعد إعلان الوزارة عن التعليم عن بعد بادر أولياء الأمور بسحب أبنائهم من تلك المدارس لتفقد مصدر دخلها الوحيد بسبب هذا الإجراء.
وختاماً كل التحية لمختلف الجهود والسواعد التي وقفت من أجل التخفيف من آثار الجائحة، ونسأله تعالى أن يرفع هذا البلاء عن عمان وشعبها، وعن بقاع الأرض عامة إنه سميع مجيب.