سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

نهايةٌ سعيدةٌ أمْ عزاءٌ مؤقت؟

خلود الدعجاني

الجميع يرغب في نهايةٍ سعيدةٍ إن لم يكنْ في زماننا هذا فسيكون في زمانٍ ليس ببعيد، أغلب الأفلام السينمائية تنتهي باجتماع البطلَين أو تكوين عائلة أو التلويح لشخصٍ مُتّجهٍ لتحقيق حُلمه.
ماذا عن الروايات؟ من سيجمع النهايات ويحسب أيهما أكثر السعيدة أم الحزينة؟
شاهدتُ فيلم (Atonement) المبني على رواية إيان ماك إيوان، نجد الأخت الصغيرة تؤلف كذبة أدّتْ بصديق شقيقتها للهلاك.
كان من المرجّح بأنّ (سيسيليا) الشقيقة الكبرى وصديقها سيجتمعون معاً، لكن النهاية غير متوقعة، ثم تبدأ (بيريوني) بالتعويض، تكتب أن صديق شقيقتها عاد من الحرب سالماً واستطاعت الذهاب إليهم والاعتذار على ما بدر منها، وفي مواجهة غضب (روبي) الصديق وشقيقتها تكشف لنا أن ما حدث من نسج الخيال.
لم يعد (روبي) من الحرب بل لقي حتفه هناك، لم تستطع مواجهتهم والتذلل وطلب المغفرة، لم تُتِح لها الحياة هذه الفرصة، في هذا الجانب نرى واقعنا بالمثل.
ثم تكتب لنا (بيريوني) بأنها اختارت النهاية السعيدة لشقيقتها و (لروبي)، لأنها تعلم بأن أقلّ شيءٍ يمكن أن تقدمه و لَو على الورق هو النهاية الجميلة والمثالية المستحقة لهما.

نذهب لفيلم كبرياء وتحامُل المبني على رواية بنفس الاسم (لجاين أوستن)، نرى (إليزابيث) الابنة الثانية في العائلة تشقّ طريقها في المجتمع مع أخواتها الأربعة بإشراف والدتها السيدة (بينيت الأم)، كلّ ما يشغل بالها هو تزويج بناتها، وعند لقاء (إليزابيث) بالسيد (دارسي) تظهر للجميع بأن ما بينهما بالأصل مبني على علاقة متنافرة مع نعتها له بالمتكبر.
ثم تمرّ الأحداث وختام الرواية ترى (إليزابيث) معدن السيد (دارسي) الحقيقي وما أظهره من مواقف وفيّة لعائلتها، يطلب منها الزواج وتجيبه (إليزابيث) بالموافقة المباركة من والدها.
وغيرها من النهايات السعيدة، لو طرحنا سؤال: وماذا بعد؟ لو أكملت (جاين أوستن) الرواية ماذا سيحدث بعد زواجهما؟ هذا تساؤلٌ ليس مقامه الآن، ولكن من المحتمل أن تختفي الحالة الرومانسية ويخرج لنا الواقع مبتسماً بين صفحات الرواية الثانية، ولن تصبح روايةً فريدةً ومشهورةً كالآن، بل ستصبح مطابقةً للواقع فاقدةً لرومنسيتها.
بعيداً عن النهايات السعيدة، نرافق (جبران خليل جبران) في الأجنحة المتكسرة، مع (سلمى) والنهاية المؤلمة “فحمل الطبيب الطفل الميت ووضعه بين ذراعيها فضمته إلى صدرها وحولت وجهها نحو الحائط وقالت: قد جئت لتأخذني يا ولدي” …..”وبعد دقيقة دخلت أشعة الشمس من بين ستائر النافذة وانسكبت على جسدين هامدين منطرحين على مضجعٍ تخفره هيبة الأمومة وتظلّله أجنحة الموت” هنا وقف (جبران خليل جبران) ومدّ يده لقلب القارئ وانتزعه، تقرأ السطر الفائت وكأنها لوحة رُسمت من قِبل (جان غوسايرت). يأتي الفتى المحب (لسلمى) ليزور قبرها “خانني الصبر والتجلّد فارتميت على قبر (سلمى) أبكيها وأرثيها”.

ومن تلك النهاية المؤلمة إلى نهاية أخرى حزينة أو نسميها نوعاً ما واقعية وقد يختلف معي الكثير، رواية (جين إير) (لشارلوت بروني)، ومن خلال أحداث الرواية نرى معاناة (جين) منذ طفولتها “حتى بات تعبيري بأنني عالةٌ أشبه في أذني بنغمة معهودة، غاية في الإيلام والإذلال” ثم أصبحت مربيةً في قصر السيد (روشستر) الرجل المتقوقع حول ذاته “ميزتك ليست في الحديث عن نفسك، وإنما في الإنصات عندما يتحدث الآخرون عن أنفسهم…” تعود (جين) للقصر بعد الحريق الذي ألتهمه تبحث عن السيد (روشستر) تجده واقفٌ رجلٌ شبه أعمى “كانت قامته كعهدي بها قوية، مستقيمة” تخبره (جين) بأنها لا تحفل بالزواج ولكنه يرد عليها مستسلماً للأسى بأنه جسدٌ بلا بصر ومتحسّراً على ما فات، ومع حياتها ومعاناتها الطويلة تتزوج السيد (روشستر) في زفاف بسيط لم يحضره سوى الكاهن وكاتب الكنيسة.
وأنت أيها القارئ هل تبحث عن نهاية سعيدة في الروايات والأفلام؟، وهل تعتبرها عزاءً مؤقتاً لن يدوم سرورها في القلب إلا هنيهة؟، أم يجب أن تكون النهايات سعيدة مُخالفة للمنطق لنعتبرها ملجأً من نهايات الحياة الواقعية البائسة..؟

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights