إنا كفيناك المستهزئين
أبرار بنت ناصر الحضرمية
إن الحرية والديمقراطية المطلَقة ما هي إلا فكرةٌ وهميةٌ لا واقع لها وستبقى كذلك، فهي تعني الفوضى المطلقة والتحلّل من كل قيد، بينما الكَون نفسه مَبنيٌّ على أسُسٍ وقواعد وقوانين تضبط سَير عمله، ولا يوجد في الأرض إلا وهناك فئة من الناس لديها مقدّساتٌ وخطوطٌ حمراء لا يُسمح بتجاوزها، حتى مَن هم مِن الديانات الضالّة فإنهم ينظرون إلى دياناتهم على أنها مقدّسة ولا يُسمح بالمساس بها، لذا على من يتطاول على رسولنا الكريم ومقدساتنا وينتقص من ثوابت الغير باسم الحرية أن يعلم بأنّ الحرية تبدأ بالاحترام، وأن الإساءة للأديان والسخرية من الأنبياء ليست حرية بل ممارسةٌ فجّةٌ وصارخةٌ لخِطاب الكراهية، وأن أي تجاوزٍ في التعبير عن الرأي وتخطّيه إلى الإساءة إلى الآخَر ولدِينه ومعتقداته لا تدخل في تعريف الحرية وإنما تُعتبر من قبيل الإهانة إلى الآخر.
ونحن أمّة الإسلام لا نسمح بالتعرض للدين الإسلامي ولا لرسولنا صلى الله عليه وسلم سواءً باللفظ أو الاستهزاء؛ وذلك لأنّ محبته والدفاع عنه ونصرته وفداءه بالنفس والمال والأهل واجبٌ علينا كمسليمن ولكن علينا أن ندرك أيضاً أنّ ردّ الإساءة بالإساءة هي ليست من صفات المسلم ولنا من قصة رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم مع اليهودي المؤذي عِبرة، فهو لم يردّ الإساءة بمثلها، بل ظلّ يعامله بالرحمة والرفق؛ وذلك لأنه كان يعيش لأهدافٍ ساميةٍ وأخلاقٍ راقية، ويكفينا قوله تعالى [فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ] الحجر:94،95., وقوله أيضا [ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً] الأحزاب:57. فالله سبحانه وتعالى تكفّل بنصر رسوله “إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ” ,فهؤلاء ما تجرأوا ولا عدلوا إلى الانتقاص وأنواع الاستهزاء إلا بعد أن فقدوا المنطق، وأعوزتهم الحجة، وظهرت عليهم براهين الدين الإسلامي وحجّة أهل الإسلام البالغة، فلم يجدوا ما يجاروها به غير الخروج إلى حدّ السّخرية والاستهزاء والتحريض على العداوة والكراهية, وما هذا إلا دافعٌ لنا نحن المسلمين على مواصلة الدعوة إلى الإسلام وتعريف الأمم والمجتمعات بالسيرة العطرة لرسولنا الكريم، والذي يجب أن يظهر من خلال أفعالنا وأقوالنا وتمسّكنا بسنّته صلى الله عليه وسلم ومحاولتنا بشتى الطّرق لمنع المستهزئين بما يجعلهم يرتدوا عن ذلك بشرط إلا يعرّض المسلم نفسه للتهلكة وأن لا يتعدّى على الآخرين وعلى الأنفس, بل علينا أن ندرك أعدائنا ونعلَم مكامن ضعفهم وننتصر لرسولنا وأن نعمل على إبرار الصورة الحسنة المشرّفة للإسلام، وللنبي أمام العالم، وردّ الشُّبهات الموجّهة إلى شخصه صلى الله عليه و سلم، وذلك من خلال تكاتف الجهود، وتفعيل الدَّور الإعلامي والمؤسسات المختلفة, هذا وأسأل الله أن يعجّل بالانتصار لنبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يعزّ الإسلام وأهله، إنه على ذلك قدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.