تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

قرارٌ صائبٌ في زمن العجائب

حمدان بن سعيد العلوي

بعد قرار وكيل وزارة العمل ضجّ الجميع وتعالَت الأصوات ،إلّا أنّ الوزارة تَراه القرار الصائب وهو قرار إلغاء الحدّ الأدنى للأجور ، دعونا نرى مَن المستفيد من القرار فلا بدّ مِن فائدةٍ تعود على أحد، وبحُكم أنني قد مارستُ التجارة وتعلمتُ أنْ أعرف حدود طموحي ولا أتعدّاه بها ، وبعد صعود الجبال الشاهقة ظناً مني سأتجاوز العقبات ، إلا أنني كلّما علَوت مُتجاوزاً إحداها تهوي بي نحو المُنحدر السحيق نحو الأسفل لأجِد جبالاً أشدّ وعورةً وإرتفاعاً ، وهكذا حتى أيقنتُ أنّ الحدود هنا ومِن الخطر تجاوزها ، طبّقتُ جميع الخطط مِن خلال الخِبرات والمعلومات التي تراكمتْ بحُكم عملي في الإعلان والتسويق سابقاً وما زلتُ غير بعيدٍ عن هذا المجال الذي أرى فيه الطموح ، وفي كلّ مرةٍ أجد الصعوبات تزداد أكثر من السابقة ، تعجّبتُ مِن تلك الدراسات التي أقوم بها والخطط التي وجّهتُ بها عدداً مِمن أعرفهم وساروا على الخط المرسوم فحققوا أرباحاً وتوسعت تجارتهم وأصبحوا علامةً تجاريةً كما كنت أخطط ،
إذن فالسؤال يتردّد مرّة أخرى في ذهني لماذا واجهتُ أنا عقباتٍ ومُثبّطات وخالفتُ القانون كثيراً ودفعت مبالغ طائلة بسبب تلك المُخالفات، ولماذا غيري لا ينطبق عليه ذات القانون ولا يتأذى من كثرة المخالفات؟
بحثتُ في قاموس الأخلاق لأجد أنّ الأخلاق التجارية رحلتْ مع مَن رحلوا في زمنٍ كان التاجر يخاف على خسارة جاره ومُنافسه لكي لا تكسد تجارة الجميع ، بل حين يزداد ربح منافسه يعلم بأنّ الخير قادمٌ وأنّ السوق يتّسع للجميع ، فالأمر مرتبطٌ بعدّة جوانب :
أوّلها المستفيد ، يطلب السلعة بأقلّ ثمنٍ ويبحث عن جودة ، بعدها يطالب بمحاسبة التاجر ، يشتري ويؤجّل الدفع ويماطل حتى لا يُسدّد دَينه ويبحث عن تفاوض للسداد بالأقساط ومِن ثمّ يتهرّب مِن جديد .
ثانياً : المنافس تجده يبيع بأبخس الأسعار لكي تكسد عليك سلعتك وتغادر السوق مِن أوسع أبوابه فلمْ تؤثّر عليه خسارته فلديه رأس مالٍ كبيرٍ يستطيع المقاومة والبقاء حتى تسقط .
ثالثاً : الجهات المعنيّة عليها إحباطك ومطالبتك بأعلى المعايير ودفع الرسوم المقرّرة وتبحث لك عن ثغرةٍ لتطبّق عليك القانون حتى تكسر ظهرك ، ومِن ثمّ تَكره السوق لأنّ طموحك كان فوق مستواك وعليك التفكير بمشاريع تناسبك كأنْ تبحث لكَ عن بقالة يحكُمها وافدٌ أو تتراجع حتى ترضى برفع اسمك على لوحة المؤسسة والفائدة لغيرك ، وهذا ما يُسمى بالتجارة المُستترة ، بعد كلّ ما قمتُ بِسرده هل تتوقع أنْ يكون القرار الصادر برفع الحدّ الأدنى للأجور لصالح الباحث عن عمل؟ سأروي لكم قصة حقيقية حدث لأحد الأشخاص ،حيث قال :
طُلب مني ذات مرةٍ أنْ أقوم بتأمين الموظفين فقمتُ بالسؤال عن أصحاب المؤهّلات الجامعية لدرجة البكالوريوس فقيل لي أنّ الراتب يجب أنْ لا يقلّ حسب ما أذكُر عن سِتمائة ريال ومبلغ التأمين مائة ريال وبعض الكسور تقريباً ، وما زال الموظف تحت التجربة ولم أسجّله ضمن التأمينات الاجتماعية ، فأوّل ما قمتُ به هو الاعتذار عن قبوله بالوظيفة بحجّة أنّ الراتب ومبلغ التأمين عليه مُرتفع والمؤسسة مازالت صغيرة ومِن الصعب دفع هذه المبالغ .
فكّرتُ كثيراً بأنْ أقوم بجَلب موظفين مِن جنسيات مختلفة ، كون الراتب وما سيترتب عليَّ مِن تكاليف أقلّ وأيسر ، وتساءلتُ :
لماذا لا تتحمّل الحكومة نسبةً من راتب العُماني وتأمينه لدى التأمينات الاجتماعية لضمان استقرار المؤسسة والموظف وضمان وحلّ أزمة الباحثين عن عمل ، بدلاً مِن إجبارنا على البحث عن غير العماني، علماً أنني كتاجر سأكون مستفيداً بتخفيض أجور العاملين لديّ .

هل اتّضحت الرؤية ومَن المستفيد؟

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights