شــبح الإنتاجية يعلو رفوف الطموحات المستقبلية للشبــــــــــــاب
حيــــــــــاة بنت عبد الله السعيدية
كثيراً ما يُشاع على مَسامعنا مصطلح الإنتاجية ضمن الأوساط المجتمعية متضمناً العديد مِن الأعمدة التي تُشكّل حراكاً مجتمعياً وجزءاً لا يُستهان به من قضايا المجتمع.
حيث تؤثر الإنتاجية في العديد من الجوانب للشباب العماني سواءٌ كانت نفسية، عملية، اجتماعية واقتصادية( مالية).
وقبل الخَوض في غَمار الأسباب والنتائج يجب تعريف المُصطلح بناءً على المعنى العامّ له في الأوساط العملية والنظرة الفردية والاجتماعية (نظرة المنظومة الاجتماعية للفرد). تُعرف الإنتاجية من الناحية العملية “بمقياس القدرة على تحقيق المُخرَجات من المُدخَلات.” أو “السعي إلى تقليل كلفة التشغيل لزيادة نسبة الأرباح”.
أما الجانب الآخَر الذي يشمل الجانب الفردي والاجتماعي الذي يُبنى على تفاوت القُدرات والمهارات والإمكانات المالية، التعليمية، المعرفية والجسدية.
وبناءً على ذلك، تكمن الإنتاجية في قُدرة الفرد على كَسب الأموال بوقتٍ قياسيّ مُقللاً من النفقات.
بينما تُعتبر عند فردٍ آخَر إنجاز العديد مِن الأشغال في وقت قياسي أو أقلّ مِن المتوقع بكثير.
في حين تُمثّل الإنتاجية لدى شريحة مِن المجتمع قضاء 24 ساعة أمام شاشات الحاسب الآلي وصفحات الكتب والدورات الإلكترونية والورَش والمؤتمرات وغيرها من وسائل المعرفة المُتعارَف عليها.
ويبدو أنّ النظرة الاجتماعية لا تختلف كثيراً فتُقاس إنتاجية الفرد بمعدّل الدّخل المالي من عمل أو مشروع ما.
وصولاً إلى الممتلكات العقارية والاستثمارات وغيرها.
وعليه يُقسَم الأفراد إلى طبقات ومستويات تبعاً لمستوى الإنتاجية ومدى تكريسهم من الجهد والوقت والتضحيات في سبيل زيادة الإنتاجية، متغافلين عن الأدوار الاجتماعية والشخصية للفرد، والتي تتطلّب منه الالتفات أيضاً.
ناهيك عن التبعات التي تشكل ضرراً في المستقبل على الفرد من شتّى النواحي.
إذنْ يتّضح الآن سوء الفهم لمُصطلح الإنتاجية وكيفية استغلال الوقت وعدم هدْر الطاقات من وجهة نظري، وبالتالي تكمُن المُعضلة التي أتبنّاها في هذا المقال:
المُوازنة في جميع جوانب الحياة للحصول على مستوىً عالٍ وسليمٍ في الوقت ذاته من الإنتاجية مع عدم هضم حقوق الأدوار الأُخرى التي تُبنى على الإنتاجية.
حتى يتجنّب الفرد التحوّل لآلةٍ بشريةٍ تعمل دون هوادة وتوقّف يقمع من خِلالها عَنان الأفكار الإبداعية وكفاءة العمل وجودته وتطابقه مع واقع الحياة وسوق العمل لتجنّب العشوائية وعدم الانتقائية.
جميع ما سبق ذِكره شكّل هالة من التوتر والقلق لطموحات سواعد البلاد حيث تبرمجت العقول على المفاهيم المغلوطة والأساليب الهادمة المُفتقرة إلى أدوات الإنتاجية الناجحة.
ربما تؤدي بهم للوصول إلى مسالك مسدودة أو العدم والتخبط.
ومِن أهم القضايا المتعلقة في هذا الصدد هي قضية الباحثين عن عمل، التي تؤدي إلى تصادُم مُتطلبات العمل مع كفاءة الفرد ومهاراته أو أنْ تكون المُتطلبات غير مواكبة ولا منطقية لواقع الحياة مِن مهاراتٍ وخبراتٍ ومنها حقاً ما يكون صعب المَنال. السؤال الآن ما هي الأسباب التي أدّت الى ذلك؟
ببساطة، كيفية احتضان فكرة الإنتاجية لدى بعض المؤسسات والقطاعات تحتاج إلى إعادة صياغة بجانب منهجية البحث والاستطلاع والتركيز حول المهارات والخبرات التي تعزّز الواقع المستقبلي.
والأهم مِن ذلك إدراك قيـــــــــمة الأمر الذي تقوم به وليس مدى فاعليته حتى لا تضمر طاقاتكَ وشغفك وطموحاتك المستقبلية على المُخرجات المتوقع حصولها.
ويأتي من خلال ترتيب أولوياتك واتّباع عدّة أنظمة واستراتيجيات تهدف للتركيز على مدى احتياجك لبعض الأهداف التي تصنع منك فرداً منتجاً بطريقةٍ بنّاءةٍ وتنموية وسليمة في مختلف الجوانب.
ولا تنسى تبنّي نظام انتاجي خاصّ بك يتناسب مع طبيعة حياتك ومُبتغاك، ويتجلى ذلك بالإيمان بتغيير مَناهج وأدوات الإنتاجية في مُختلف مراحل العُمر لكسر الرتابة والمَلل استناداً لسُنّة الحياة.
وفي النهاية أنا لا أدعو الى التقاعس والكسل وأن تنتظر من السماء أمطار الذهب والفضة بل عكس ذلك تماماً، ولكن مع مراعاة الإتقان والجودة والقيـــــــــمة المُضافة لتلافي التشتّت والعشوائية والنتائج الهادمة.وتذكّر أنّ كلٌّ مُيسّر لما خُلق له. وتأكيداً لِما سبق قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).