الثقة السامية والرأي العام
هلال البدوي
وجهان لعملة واحدة ، حيث لا يكتمل نصاب مفهوم الدولة العصرية بدون كلاهما عن الآخر ولكي تتحد الإرادتين معا فهناك مسوغات وأمور كثيرة لابد أن تدركها في المقام الأول الفئة التي حظيت بثقة جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- بالتعيينات الأخيرة على عدد من وظائف السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، فلا ينتهي الأمر عند مجرد الرسم التشريعي وحسب، فبالأمس القريب في أحداث عام 2011م وبمطالبة شعبية ملحة لصناعة نوع من التغيير في هيكلة الجهاز الإداري للدولة جاء الرد السامي من جلالة السلطان الراحل –طيب الله ثراه– ملبيا لينال الرأي العام تقديره عند المشرع ببث وجوه جديدة على إدارات مختلفة ببعض الجهات ليتوسم شعب عمان بذلك خيرا، وما أن لبث بقول الحق “عدد سنين” استنفر الرأي العام مرة أخرى والعروج إلى المربع الأول حيثما كان عليه الحال وبات الانتقاد سيد الموقف، وهنا ينبغي أن نتساءل بوقفة صريحة مع ذاتنا الوطنية نتجرد فيها من العاطفة وغرائزنا الشخصية، هل هي كانت قراءة غير موفقة من المشرع أم هو قصور وعدم وفاء للثقة السامية من الذين منحوا إياها أم هو عادة منا لحب التغيير لمجرد التغيير فقط أم ماذا؟! وبالتالي نجيش من خلاله أقسى لغات الانتقاد في مختلف المنابر والقنوات المتاحة ليغنم منه المتربص، واليوم الذي نشهد فيه بوادر النهضة المتجددة لاسيما بهيكلة السلطات الثلاث وجهاتها المختلفة والرواد الذين امتطوا صهوة إدارتها نلتمس أن يعي كل عنصر أنه منبثق من كيان واحد ألا وهو الدولة لا ينفك عنه بحال من الأحوال ولا ينبغي أن يرتكن كل من حَظِيَ بالثقة السامية بعذرها بل عليه أن يدرك كل اليقين أن الثقة السامية آلت اليه بعناية تامة ولا بد أن يدرك أيضا بأهمية وتأثير مجهر الرأي العام ومحل تقدير مكانته عند جلالة السلطان بالمقابل فعلى الرأي العام أن يكون أمينا برسالة الاستفتاء على جهات الدولة المختلفة وشخوصها الاعتباريين ولا ينجر بعاطفة النقد المقتبس لمجرد أن له الحق في الانتقاد فكم من المسؤولين على رأس وحداتهم سواءً كان بمرتبة وزير أو كيل أو من في حكمهم حظوا كذلك بالثقات السامية ، إذًا فالخلل ليس بالشرط أن يكمن بهذه الفئة ونحن لسنا هنا لنبرئ أو نجرم ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هناك رئيس ومرؤوس بأي جهة من الجهاز الإداري للدولة ومع غياب الرقابة المتبادلة بينهما ستؤول الأمور حتما في النهاية لمصير ذات المنعطف وهذا من المبادئ العليا الحاكمة التي يجب أن تضعها الفئة التي حظيت بالثقة السامية مؤخرا نصب عينيها وفي هذا الصدد استذكر ما قرأته وسجله التاريخ في حق أحد الرعاة على رعيته عندما خرج ذات يوم الى رعيته يتفقد أحوالهم وبادر بسؤال أحدهم ماذا يقول الناس عني ،وبعد أن أعطاه مأمنه يقولون أنك طاغية وظالم، فعقّبه بسؤال آخر وأنت ماذا تقول عني فرد عليه والحق أقول أنك لست بطاغية ولا بظالم وإنما من حولك هم الذين جعلوك في هذه المنازل ، فربما نجد بعض ممارسات الإدارات المتوسطة والعليا المرفوضة نهجا وحكما بأي جهة ذو النفع العام تقود برئيس الوحدة إلى تلك مفاهيم لتلك المنازل وعندما نلخص ذلك نجده لا يتعدى مفهوم بين تطبيق وغياب سياسة الرقابة المتبادلة بين الرئيس والمرؤوس فعزيز اليوم ذميم الغد، وهناك نظم وسياسات إدارية لو أدركها المسؤول لنال فوق الثقة السامية لجلالة السلطان ثقة رب العالمين فلا ضير أن يأخذ المسؤول المعرفة التخصصية من أصحابها فالمصير والهدف واحد، فافتح أيها المسؤول سعة صدرك قبل أن توصد أبوابك وتقبل الطرح والنقد قبل أن تقضي أمرك الغالب فالتاريخ يخلد سمو العظماء فكن عظيما بذاتك وبمن حولك وبوطنك ووفيا ومخلصا للثقة السامية التي اصطفتك دون غيرك.