2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

اليهود في الخليج

أحمد بن علي المقبالي

الجزء الأول كان عبارة عن مقدمة للتعريف باليهودية وأقسامها.

وفي الجزء الثاني هذا سَوف نستعرض بإذن الله ظهور اليهود في شبه الجزيرة العربية.
لقد انتشرت الديانة اليهودية في اليمن والحجاز ووسط شِبه الجزيرة العربية وساحل الخليج العربي وغيرها من المناطق. وقد احتار الباحثون في شأن الوقت الذي ظهرت فيه اليهودية في شبه الجزيرة العربية بين عدة احتمالات وهي كالآتي:-

١- هل معتنقو اليهودية هم مهاجرون من بلاد الشام والعراق إلى الجزيرة العربية.
أو
٢- تهوّدت بعض القبائل العربية عن طريق التبشير.
أو
٣- تهوّدت بعض القبائل في الجزيرة العربية عن طريق التجارة.

انقسم الخبراء والباحثون في هذا الشأن واختلفوا اختلافًا كبيرًا، فَيرى فريق من الباحثين ومنهم اليهودي “إسرائيل ولفنستون” أنّ وجود اليهودية في شبه الجزيرة العربية مرتبط بالهجرة إليها من فلسطين وذلك للأسباب التالية:-
١- مخالفة جيش أرسله موسى عليه السلام إلى الحجاز في القرن الثالث عشر قبل الميلاد لتعليماته فمُنع من دخول فلسطين فعاد للحجاز واستقرّ هناك.
٢- هجرة عدد من يهود فلسطين إلى الحجاز بحثاً عن أرض ورَد وصفها في التوراة، فوصلوا إلى تيماء بالحجاز واستقروا فيها لأنهم اعتقدوا أنها الموصوفة في التوراة.
٣- زيادة أعداد اليهود بشكل كبير في فلسطين فاضطروا للخروج إلى البلاد المجاورة كمصر والعراق والجزيرة العربية.
٤- هجرة عدد من يهود فلسطين إلى شبه الجزيرة العربية بعد هزيمة مملكة يهوذا على يد الملك البابلي نبوخذ نصّر عام ٥٨٦ ق.م وتدمير الهيكل.
٥- قيام هجرة يهودية من فلسطين إلى شبه الجزيرة العربية في الفترة الواقعة بين تدمير أسوار أورشليم (القدس) وإحراق الهيكل عام ٧٠ م على يد القائد الروماني تيتوس وإخراج هدريان لليهود من فلسطين عام ١٣٢م.

وقد حدد الباحثون في النظرية المناطق التي استقرّ فيها اليهود في الجزيرة العربية وهي:-
١- يثرب
٢- خيبر
٣- فدك
٤- وادي القُرى
٥- تيماء وبها الحصن المشهور بحصن تيماء الذي يقال إن نبي الله سليمان عليه السلام بناه.

كما حدّد هذا الفريق القبائل اليهودية التي هاجرت إلى الجزيرة العربية هي:-
١- بنو قريظة
٢- بنو النضير
٣- بنو هدل
٤- بنو زغورا
٥- بنو قينقاع
٦- بنو القصيص
٧- بنو محموم.

وقد عارضَ فريقٌ آخَر من الباحثين فكرة هجرة اليهود من فلسطين إلى الجزيرة العربية، ومن أشهر الباحثين في هذا الفريق الدكتور أحمد سوسه الذي لديه الكثير من المؤلفات والأبحاث المتعلقة باليهودية والصهيونية، ويقول هذا الفريق بأنّ يهود الجزيرة العربية كانوا عرباً فتهودوا ولم يكونوا يهوداً مهاجرين من فلسطين، وترتكز آراء هذا الفريق على ما يلي:-
١- أنّ الهجرة لا يمكن أن تتمّ من البيئة الحضرية المُتمدنة المستقرة إلى المناطق البيئية الصحراوية البدوية.
٢- روايات الفريق الأول تمّ أخذها من التوراة أو ما يسمى بالإسرائيليات وهي غير موثوقة حتى للفريق الأول.
٣- إنّ رجال الدِّين اليهود هم من اتّجه إلى الجزيرة العربية لنشر ديانتهم.
٤- إنّ اعتناق ملوك اليمن لليهودية في القرن الخامس الميلادي أدّى إلى إجبار شعوبهم على اعتناقها.

ونتيجةً لعدم وجود أدلّة دامغة ترجّح أحد الرأيين فقد حاول بعض الباحثين التوفيق بينهما، وعلى رأسهم الدكتور عبدالوهاب المسيري فقالوا:-
١- يوجد جماعات هاجرتْ من فلسطين إلى شبه الجزيرة العربية.
٢- أن بعض القبائل العربية تهودت على يد رجال الدين اليهود.
٣- تهود بعض الناس نتيجة التبادل التجاري مع اليهود.

وقد اندمجت الجماعات اليهودية المهاجرة مع القبائل العربية، وتزاوجوا وتطبعوا بطباعهم، واكتسبوا عاداتهم وتقاليدهم وتكلموا لغتهم وهي اللغة العربية.

ونتيجة اندماج اليهود وذوبانهم في القبائل العربية؛ تهوّد بعض أفرادها وليس كل القبيله ومِن هذه القبائل نذكر ما يلي:-
١- نمير
٢- كنانة
٣- الحرث
٤- بن كعب
٥- كنده
٦- أياد
٧- غسان
٨- جذام
٩- وبلي
١٠- الأوس
١١- الخزرج

كما استقر اليهود في اليمن ونجران والبحرين وعُمان حيث يقول الشاعر الأخطل:-

قبح الإله من اليهود عصابة
بالجزع بين حليحل وصحار

تقع حلحل أو حليحل أو الحلاحل وصحار في عمان كما يدّعي اليهود بأن قبر نبي الله أيوب يقع بمحافظة ظفار وفي منطقة صلاله تحديدًا.
كذلك استقر اليهود في البحرين والعراق هرباً من الفُرس الذين اضطهدهم ملكهم فيروز بن يزدجرد عام ٤٥٧ – ٤٨٤م. وتذكر بعض الروايات التاريخية بأن أعداد اليهود في الجزيرة العربية هي كالتالي:-
١- القطيف عددهم خمسة آلاف
٢- خيبر عددهم خمسين ألف
٣- تلماس عددهم مائة ألف
٤- تناحيم عددهم ثلاثمائة ألف

وهذه الأعداد كانت من خلال رواية الرحّالة ‘بنيامين التطيلي” والذي شكّك في الأرقام، وقال بأنها مُبالَغ فيها بشكل كبير جدًا .. هو مترجم الرحلة “عزرا حداد” الذي شكك بزيارة الرحالة بنيامين لشبه الجزيرة العربية أصلاً. ويتّفق رأي عزرا حداد مع رأي الدكتورة زبيدة محمد عطا.

تم طرد اليهود من شبه الجزيرة العربية نتيحة مواقفهم العدائية، وقيامهم بأعمال وأنشطة حربية ضد دعوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وقد استهدفوه بكثير من الأعمال العدائية، كما استهدفوا القضاء على دولته الإسلامية الناشئة بالكثير من المؤامرات والتحالفات مع القبائل المعادية للمسلمين والاشتراك في الأعمال الحربية.
انتهج الشاه عباس ١٥٨٧- ١٦٢٩م سياسة اقتصادية شجعت اليهود على القدوم إلى بلاد فارس ومنطقة الخليج العربي والدولة العثمانية وحلب وطرابلس والعراق لممارسة التجارة.
في عام ١٦١٧م زار الرحالة البرتغالي بيدرو تيكسسيرا مسقط وذكر وجود من ١٥ إلى ٢٠ عائله يهودية في المدينة.

استمر تواجد اليهود في منطقة الخليج العربي طوال القرن الثامن عشر خاصةً في البحرين والأحساء ومسقط وصحار.

هذا وسوف يكون المقال القادم بإذن الله تعالى عن الحياة الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية لليهود في شبه الجزيرة العربية.

المصدر:-
اليهود في الخليج منذ القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين.

المؤلف:-
يوسف علي المطيري

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights