ألبسك الله تيجان الجنان عمتي الغالية
راشد بن حميد الراشدي
إعلامي وعضو مجلس إدارة
جمعية الصحفيين العمانية
———————————
المتمم لشهر ذي الحجة من عام 1441 للهجرة؛ هو موعدها مع الرحمن في يوم انتظرته بحسن الخاتمة.
صبورة قنوعة بما كتبه الله، محبوبة عند الجميع، فقد ساهمت في تربية ورعاية أجيال تعاقبت عليها، وقد بلغت الثمانين من عمرها. تجدها زهرة يانعة مثمرة بالخير، مبتسمة المحيا، تلبس أجمل الثياب، وهي راضية بما قسمه الله لها.
من رعيل من يحبون الله فأحبهم وأحسن سيرتهم بين خلائقه. لم ترزق بذرية طوال عمرها، ولكنها رزقت بأولاد أخ وأولاد أخوات وأخوة زوجها رحمه الله الكرماء مع أولادهم النبلاء بفضائل الإحسان.
هكذا عاشت صابرة محتسبة وحيدة في بيت زوجها. بعد رحيله يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان بما أنعم الله عليها.
لم يختلف شيء في حياتها، وقد بلغت الثمانين من العمر، تجدها بنفس نشاط الشباب. تعيش في بيتها بين غرفتها و مجلسها البسيط، تحيط به بعض الوسائد. تقضي يومها بعد ذكر الله، شاغلة نفسها بخياطة بعض الملابس العمانية المطرزة، أو تنظيف تمورها وغسله وتجفيفه، أو التواصل مع من تحب من رحمها وأهلها، أو متحدثة بإبتهاج مع من يزورها، شاكرة لكل من يقدم لها هدية أو خدمة بسيطة أو كبيرة ملء الأرض والسماء.
ففي ليلة لقائها بالرحمن تواصلت مع معظم أهلها مطمئنة، تلقي تحية السلام، تحية أهل الجنان عليهم، وفي ليلتها الأخيرة كانت إحدى بنات أختها تقضي معها ليلتها الأخيرة وهي توصيها خيرا في أمها وأهلها، وتُعلمها بكل شيء حولها بإحساس المؤمن بدنو أجله، واستعدادها للرحيل إلى ديارٍ خيرًا من ديارنا. رحمها الله رحمة واسعة.
حزمت حقائب سفرها بين برًا وإحسان وأعمالاً صالحة.. الكل ممن عرفها ذكر فعال الخير التي كانت تحويها، والكل رفع يده داعيًا لها بالمغفرة.
روعة المؤمن تبقى بعمله وحسن خاتمته، واستعداده لهذا اليوم. فبين تعاقب الليل والنهار تحدث الأحداث، وبين عمل صالح وعمل طالح تكون قيمة العبد عند خالقه.
وعند الفجر رحلت، وفي رحيلها أدمت كل القلوب، فقد كان وجهها كفلقة البدر في تمامه.. سعيدة ونحسبها عند الله من الأخيار.
فلقد رحلت في هدوء كما عاشت في هدوء، وبإذن الله تكون نفسًا طيبة تعيش مخلدة في جنات عدن تدخلها بتواضع المؤمن وخشيته من ربه.
هكذا هي روح المؤمن السمحة تعيش متعلقة برضوان ربها وتموت على رحمته ولطفه.
فإلى جنات الخلد عمتي العزيزة، فلقد فقدتك اليوم كما فقدت أبي بالأمس، فقد كنت أنيسةً لي ألتمس برك من نهر محبة أبي رحمة الله وبركاته تغشاكم جميعًا، وتغشى جميع عباده الصالحين.
اليوم يرفع ذلك الإحسان والبر عن الجميع، ونبقي الأمل مع الله بلقائنا مع من نحب في جنات النعيم التي أعدت للمحسنين.
رحم الله عمتي فقد كانت معين من الخير لا ينضب.