حكايا .. غضبة حمدوك
عصام بن محمد الصولي
دفعت قوى الثورة السودانية رئيس وزراء حكومة الفترة الانتقالية في السودان -الدكتور عبدالله حمدوك- إلى إعلان رغبته في التنحي عن المنصب إذا كانت هذه رغبة الجماهير والحاضنة السياسية التي أتت به وهي تحالف الأحزاب السودانية والحركات المسلحة والمعروف بالحرية والتغيير.
خرج السيد حمدوك للسودانيين من منبر الإذاعة السودانية ليقول لشعبه أن التخريب المتعمد للاقتصاد السوداني قفز بالدولار إلى 178ج مما أدى إلى انفجار في أسعار كل شيء حتى الخدمات غير الضرورية.
وقال “استلمت خزينة خاوية على عروشها من النظام البائد ولا إنتاج ولا عملات صعبة ولا علاقات خارجية ولا أي شيء ومع ذلك تنتقدونني” !!.
وواصل “لو استلمت البلد ملائكة بهذا الوضع لن تسلك من الانتقاد .. وأردف على ما يبدو أن العمل العام في السودان نوعا من العقوبة .. وزاد ليس لي منفعة شخصية .. إذا قلتم ارحل سأرحل وأضرب لكم تعظيم سلام” .
وتابع حمدوك -في اللقاء الذي سيطرت أصدائه على الرأي العام السوداني- البلد تحتاج إلى 2 مليون دولار يوميا (اجيبا من وين؟).
واستلم حمدوك السلطة بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير ويحتفل اليوم بمرور عام على اعتلائه سدة الفترة الانتقالية .. والمفارقة كانت احتفال حاضنته السياسية التي أتت به مظاهرات غاضبة وتتريس للشوارع وحرق للإطارات احتجاجا على ما أسموه (تجاهل حمدوك للمسيرة المليونية) -تحت عنوان جرد حساب- والآن رفض رئيس الوزراء مخاطبتها واستلام مذكراتها بعد وصولها لمبنى مكتبه في مجلس الوزراء.
وتتلخص مطالب الثوار في إنجاز ملف محاكمات رموز النظام السابق وحل الضائقة المعيشية وإنجاز ملف السلام وضرب أوكار الفساد وإقصاء الدولة العميقة التي قالوا أنها ما زالت تسيطر على الخدمة المدنية ومفاصل الدولة .. بل إن فصيل مشارك في الحكومة اتهم السيد حمدوك وحكومته بالبطء في اتخاذ الكثير من القرارات المهمة المتعلقة بمعاش الناس وحق الشهداء ونتائج لجنة تحقيق فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة والذي راح ضحيته المئات من الشباب السوداني.
غير أن الأوضاع في السودان بعد مرور عام من حكومة الفترة الانتقالية ما زالت تراوح مكانها إن لم تزداد سوءًا مما دعا المراقبون يتكهنون بنهاية دراماتيكية لحكومة الفترة الانتقالية التي خرج رئيسها الجمعة ليقول للثوار وعبرهم لجماهير الشعب السوداني “لا أقول لكم أننا فشلنا بل أقول أننا لم ننجح في إدارة العديد من الملفات الصعبة لأننا بصراحة لسنا ملائكة ولا نملك عصا موسى”.