2024
Adsense
مقالات صحفية

اتفاق إرادات الدول هي أساس فاعلية القانون الدولي العام

 

ظافر بن عبدالله الحارثي

مِنَ الأمور التي تبدو شائكة وغير واضحة هي مَدى فاعلية القوانين الدولية ومَدى اعتبارها قاعدة قانونية بالمعنى الصحيح، وهذا الأمر تختلف الفقهاء عليه فمنهم مَن أقَرّها ومنهم مَن نَفى صِفة الإلزام القانوني عنها .. أما المُتفَق عليه لإضفاء هذه الصفة أنه لا بُدّ مِن وجود سُلطة تشريعية رسمية عُليا تضعه، وقضاء يتولى تطبيقه، وجَزاء مُنظم يُوقع على مخالفيه، إلّا أنّ هذه الشروط هي مَحلّ خلافهم التي قام كل طَرف بتفسيره على حِدَة.

للقانون الدولي العامّ تعريفات عديدة أبرزها والأكثر اتفاقاً عليه هو “أنّه مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي وهم (الدولة والمنظمات الدولية والأفراد)”، وهو لا يختلف عنْ باقي القوانين بِكَونها وليدة الحاجة الاجتماعية، ولكن يختلف بأنّ هذه الحاجة تحتاج لرضا أشخاص القانون (كالدُّوَل) حتّى تتحوّل المَبادئ إلى قاعدة مُلزمة وليكون الأطراف الذين يخاطبهم القانون خاضِعين لأحكامه؛ ورُبما هذا ما يُجيب على مَن يستغرب مسألة عَدم سريان قواعد هذا القانون على بعض الدول باعتبار عدم انضمامها للاتفاقيات أو المُعاهدات الدولية التي تُعتبر (مِن مصادر القانون بجانب العُرف الدولي) وعَدم التصريح عن إرادتها في تطبيقه، وعلى النقيض ما إنْ عَبّرت الدول عن رغبتها في تفعيل القانون عنْ طريق الانضمام والتوقيع، فتفوق قوّة هذا القانون على التشريعات المحلية الداخلية في مَدى التطبيق والتقديم ما إنْ لم يَجد بالطبع نصوصاً خاصة استثنائية.

المُتَتبّع لتاريخ تَطوّر هذا القانون عبر العصور يستنتج بأنّ قواعدها تهدف لإرساء مبدأ المساواة بين الدول وتَحرص على استقرار المجتمعات، ومِن وجهة نظري يَجب أن يُضاف إلى ذلك أن تكون نُصوصها قائمة على أنّ الإنسان هو أغلى ما نَملك، ومِن حيث المبادئ يبدو أنّ هذه الفكرة تزداد تَنظيمًا في كلّ عَصر وهو الأمر الذي جاءَ به الدِّين الإسلامي، فقواعد هذا القانون جزء لا يتجزأ من الشريعة السَمحاء التي قرّرتْ حقوقنا وواجباتنا قبل أنْ تأتي المنظمات الدولية لإعادة إخبارنا بماهيّتها؛ إنّ المنظومة العدلية في العموم يجب أنْ تحدّث تشريعاتها لتُواكِب التَطوّرات وتُواكب كلّ ما في صالِح البشرية.

إنّ سُلطة القانون على الإنسان يجب أنْ تَطغى على سُلطة الإنسان على القانون لِسبب واحد؛ حتى لا يُكيّف الإنسان النصوص على حسب مَصالِحه، ولا يكون هناك شخص يُستثنى من المُحاسَبة في حال تقصيره ولو كان المُشرّع نفسه، ليكون الحُكم قائماً على أساس القانون.

إنّ فكرة وَجَوهر القانون رسالة سامية نعلمها جميعًا ولكن مسألة تطبيقها مِن عَدَمِه راجعة لنا، وإنْ لمْ نَستشْعر فاعلية القانون الدولي علينا طرح الأسئلة الصحيحة والانطلاق مِن أجوبتها للبحث عن الحُلول المُنصِفة العادِلة، مثالها: مَن المُستفيد مِن عَدم وُجود نصوص تنظيمية رادعة؟.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights