طموح والد ساندر
أحمد بن موسى البلوشي
عاش في أسرة فقيرة، تتألف من الوالدين وشقيقه الأصغر، لم يمتلك غرفة خاصة، ولا حتى سرير لينام عليه، والده كان مهندسًا كهربائيًا، بينما والدته كانت تعمل كاتبة، عائلته لم تمتلك سيارة أو ثلاجة أو تلفاز أو جهاز حاسب آلي، الجهاز الوحيد الذي كان لدى العائلة هو الهاتف الأرضي، كان متفوقًا في دراسته، أكبر طموح كان لديه أن يمتلك جهاز حاسوب، وبسبب عشقه للحاسب الآلي كان يذهب للمكتبة ،ويقرأ أي كتاب يتحدث عنه، وبسبب تفوقه حصل على منحة دراسية للسفر لأمريكا، ولكن العائلة لم تكن تمتلك ثمن تذكرة السفر، فقامت ببيع بعض أثاث المنزل، وسحب جميع مُدخراتها.
سافر لأمريكا وتفوق في دراسته وأبدع حتى أصبح على قمة أشهر شركات التكنولوجيا بالعالم، إنه الشاب الهندي ساندر بيتشاي الرئيس التنفيذي لشركة جوجل الأمريكية).
القصص في هذا الجانب كثيرة، يقول محمد علي كلاي: “أنت من يُحيي حلمك، وأنت من يقتله، تمسك بحلمك حتى في أصعب الظروف”. كثير من الآباء يتمنون أن يسير أبناؤهم على نفس طريق ساندر، أو يسلكوا طريق مشابه لذلك؛ لاعتقادهم الجازم أنّها الموصلة للمجد المشرق لهم، غافلين البيئة التي صنعت ساندر، والظروف التي هيئتها أسرته من دعم وتحفيز وتشجيع له.
عندما يقول لك طفلك بعفوية بأنني أحلم أن أكون طيارًا أو مهندسًا أو معلمًا، فكن على يقين بأن هذا الطموح لم يأت عبثاً، وعندما ترى طفلك يقرأ في كتب معينة ومتخصصة فهذا ليس وليد الصدفة، فربما هناك جوانب نفسية أسهمت في وجود هكذا رغبة عند الطفل، من هذه المؤثرات وجود قدوة في البيئة التي يعيش فيها الطفل، أو نتيجة لغرس الأسرة جماليات وحب هذه المهنة في نفسه ،كما فعلت أسرة ساندر حتى أصبحت حلم حياته.
الطموح عنصر مُهم من عناصر التفوق، ومفْتاح من مفاتيح التميّز لكن البعض للأسف قد يتجاهل طموحات وتطلعات أبناءه، ويكون حَجَر عَثَرة في وجه طموحاتهم، بل ويُقَزّمُ أحلامهم، بدلا من أنْ يَجبُر خواطرهم ويشدّ على سواعدهم، ويحفزّهم ويشجّعهم.
والواقع يؤكد أن الطموح كيان، تنشئه الأسرة في نفوس الأبناء، وبالاهتمام والتشجيع والحرص يبدأ هذا الكيان بالظهور، وبالمراقبة المستمرة والتوجيه السليم يستطيع الأبناء أن يحددوا مساراتهم المهنية الناجحة بحياتهم، وبالتالي تصنع ساندر آخر.
يقول (هنري وادسورث لونجفيلو):
“العظماء لم يبلغوا القمم ،ويحافظوا عليها بمحض صُدْفة مفاجئة، ولكنّهم كانوا يكدحون الليل ليصلوا إلى العُلا، بينما كان رفاقهم يَغُطّون في نومٍ عميق”.