راشد بن حميد الراشدي
إعلامي وعضو مجلس إدارة
جمعية الصحفيين العمانية
———————————
منذ الصباح الباكر وعشرات القِصص والحِكَم والنصائح والكلمات يفيض بها هاتفي عبر برنامج التواصل الاجتماعي ( الوتس أب ).
عشرات بلْ مئات المتصدقين بكلامهم علينا مِن خِلال رسائلهم اليومية الرائعة بأجمل الكلمات والحِكَم والمُتضمنة لآيات الله والأحاديث النبوية الشريفة وغيرها مِن أقوال العُلماء والفلاسفة.
حيث أجدني أقِفُ واجِماً دَوماً أمام رسائلهم الوعظية الجميلة التي يُرسلونها لي كلّ صباح، ومع علمي بتعامُل بعضهم مع أهله وصحبه وأبناء مجتمعه مِن خِلال عكس ما يُرسله للجميع في كل صباح.
أتساءَل مُتعجباً من تلك العِظات كيف مرّتْ عليه ولم يتّعظْ مِما يقرأهُ أو يسمعه ثُمّ يُرسله إلى جمهورهِ مُتصدقاً عليهم بتلك الرسائل الجميلة.
اليوم باتت الكلمات تتطاير في الهواء من هواتفنا المحمولة بسرعة البرق ومعانيها السامية تتطاير معها في الهواء ولم تعُدْ تترسّخ في وجداننا الخاوي مِن كل شيء.
في يومٍ من الأيام أرسل لي صديق قصة عن برّ الوالدَين وَصِلَة الأرحام أبكتني كثيراً لعِظم معانيها، ومع علمي بكينونة هذا الصديق وقصة مقاطعته لأخته منذ 18 عاماً منذ زواجها بسبب عدم رضاه عن زواجها مع أنها تزوجت برجلٍ صالح اختارها واختارته، ليبقى هو على قراره طوال تلك السنين فأين هو من تلك القصة التي أرسلها.
بينما يُرسل لي شخص ميسور الحال رسالة عن الصدقات وجزاءها عند رب العالمين، وعندما تدعوه لصدقة أو فكّ كُربة، فإنه يتأفّف من تلك الدعوة ولا يشارك أبناء مجتمعه وإخوانه في صدقاتهم.
غرائب عديدة أوجدَتْها وسائل التواصل وكلمات مُنمّقة حملتها هواتفنا، تمنيتُ قبل إرسالها تطبيقها على أنفسنا حيث أصبح الناس يعِظون بما لا يفعلون ويقولون ما لا يعملون به.
كَثُر المُتشدّقون بحديثهم وبقي القِلّة القليلة من الصالحين الذين لا يبتغون إلا الخير للبشرية جمعاء في أقوالهم وأفعالهم فحذارِ من المنافقين بكلامهم الذي ألبسوه حلاوة الكلام والكلمات بدون فعل أو عمل يُذكَر.
اليوم نقِف جميعاً أمام هؤلاء المتصدّقين بكلامهم، الغريبة أفعالهم والبعيدة كل البُعد عن مجتمعاتنا الأصيلة الراسخة بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وعاداتنا وتقاليدنا السامية الحميدة، لندعوهم بالتفقّه فيما يرسلونه وتطبيقه قبل إرساله ليكونوا قُدوة لكل أبناء مجتمعهم قولاً وفعلاً، وكفانا رسائل تُخالِف واقع مَن يرسلها.
ودُمتم في حِفظ الله ورعايته، تكسبوا خيري الدنيا والآخرة بصدق أفعالكم.
#. سناو
الأحد. : 26 -12 -1441 للهجرة
الموافق. : 16 – 8 -2020. للميلاد
