فجر الذكريات
بقلم : ليلى بنت سعيد اللمكية
أول يوم لي بعد تقاعدي من وزارة التربية والتعليم ، لم يكن يوماً عادياً ، لم أشعر بالإرتياح ، زملائي وزميلاتي عائدون بعد الإجازة الصيفية لمقاعد الإنجاز والإبحار في عالم ملئ بالخير والعطاء للوطن الأم عُمان .
بعد صلاة الفجر لم استطع الخلود للنوم كالعادة ، تراكمات مواقف وسلسلة إنجازات يستعرضها ذهني ، عملي المكتبيّ ، جلسات النقاش والحوار حول مستجدات العمل التربوي ، أعمالنا من مشاغل وأوراق عمل وورش تدريبية مشتركة بيني وبين زميلاتي ، رغباتنا في التجديد والتميَّز في العطاء واحتساب الأجر من الله سبحانه وتعالى ، مسائل الإشراف والمدارس المتكررة ، وحلولنا العقلانية بشأنها ، متطلبات العمل الإشرافي في الرصد المستمر في البوابة التعليمية ، زيارات مدرسية وإشرافية ، دروس تطبيقية ، إحصاءات النتائج وتحليلها ، كلها لم نكن نشعر بها لأننا نعمل كالجسد الواحد يداً واحدة عقلٍ واحد ، نفس الأفكار تجمعني بأختي الغاليتين زميلات العمل المكتبي ، لم أكن أشعر بالوحدة بوجودهن ، ولا عناء العمل الميداني أيضاً ، كنا نخط الأفكار ونحولها لأوراق عمل ذات قيمة ، لتحمل كل منا عملنا المشترك لمدارسها بإسمنا جميعاً دون تمييز أو تحيُّز من إحدانا.
زملائي جميعهم في مركب واحد
، قلب واحد لأجل وحدة الدراسات الإجتماعية ، مهما اختلفنا في وجهات النظر نظل إخوة متحابين دون أن يطغى علينا غرور الوظيفة والتقرب من المسؤول، البعض من يملك روح الدعابة، استطاع أن يخترق القلوب رغم قسوة بعض المواقف ، وأحدهم يحمل بداخله سماحة العالم وإنسانيته، بشوش ومعطاء بدلة القهوة والتمر وأحاديث العمل التي لا تُمل، والآخر بِصَمْتِه تعلمنا حكمة جميلة أن الصمت إجابة للأسئلة الضبابية، أو الأصح مفتاح للأقفال والقلوب، وأحدهم بدقة عمله، أوراقه، تقاريره، حرصه الشديد ألا يقع في اللبس، محبوب بين معلميه في عطائه المتجدد.
معلماتي أخواتي الغاليات تعلمت من الجميع دروس وعِبر لحياتي القادمة، استفدت من الجميع دون إستثناء من مسؤول أو زميل أو معلم تحت مسؤوليتي، وها أنا أخرج من وظيفتي أرجو أن تسامحوني إن بدر مني أي تقصير أو خطأ، فأترككم وأتمنى أن أكون ذات أثر إيجابي تذكروني به في سنوات حياتكم التي بإذن الله حافلة بعطاء ومحبة لا ينفذ لأمنا الحنون عُمان.