استئثار يقره القانون
ظافر بن عبدالله الحارثي
(العصى المستيقم) هو معنى كلمة القانون، اليوناية أصلا مما تفيد الإستقامة والنظام اللذان بدون القانون لا يتواجدا، وبالتالي لا يتحقق وجود عامل الإستقرار في المجتمع، لذى يلازم القانون حياة الجماعة بل بدون مجتمع وأفراد لا حاجة لقانون؛ وعلاوة على دور تنظيمه لسلوك الأفراد، هو الذي ينشئ الحق ويتكفل بحمايته؛ كما أن لهذه الحقوق أشخاص، إما يكون شخصا طبيعيا وهو الإنسان، الذي تبدأ شخصيته بتمام ولادته حيا وتنتهي بموته، والذي يكتسب الحقوق مذ وجوده في بطن الأم؛ وإما أن يكون شخصا معنويا أو اعتباريا وهو كيان اخر غير الإنسان ( كمجموعة من الأموال أو الأفراد الذي ينظر له المشرع كوحدات قائمة بذاتها تتمتع بالإستقلالية)، وترافق هؤلاء الأشخاص أهلية تجعلهم أهلا لتلقي الحقوق أو القيام بتصرفات، فهي بمثابة صلاحيات تمنح متى ما توافرت فيهم الشروط.
إن من أيرز تقسيمات الحقوق حقوق غير مالية وهي تلك التي لا يمكن تقويمها بالنقود منها( الحقوق السياسية كالترشيح والحقوق اللصيقة بالشخصية وغيرها) وحقوق مالية تقوم بالنقود ومن خصائصها انها تنتقل للغير كحال الورثة ومنها (الحقوق العينية ، الشخصية والذهنية وغيرها)؛ بالإضافة إلى عدد من الحقوق التي لم يغفل القانون عن تنظيمها فالحقوق هو استئثار شخص معين بقيمة معينة أو بشيئ معين، ونظرا لأهمية فكرة الحقوق وكذلك الواجبات التي يجب على الدولة توفيرها للأفراد، تحرص أغلب الدساتير على النص عليها، فعلى سبيل المثال في النظام الأساسي لسلطنة عمان خصص المشرع الباب الثالث كاملا لها؛ والذي شمل حقوق الجنسية، المساواة، الحرية، التعبير والحقوق التي يكفلها القانون أثناء إجراءات المحاكمة والحبس وغيرها من الحقوق العامة الضرورية.
وبعد فهم جوهر نظريتي القانون والحق نستنتج بأن القانون يعلمنا النظام واحترام حقوق الاخرين، ويغرس فينا القيم والمبادئ النبيلة السليمة، فحتى إن وجدت ثغرات للإلتفات حول القانون لأغراض خبيثة الا أن المسؤولية الفردية والإرادة الواعية تحتم علينا اللجوء للقوانين، مما يقودني لتشجيع كل الأفراد على فكرة المطالبة والسعي وراء الحقوق وعدم الجمود أو الكلل والملل والإستحياء، فمن خلال الحياة الواقعية نرى بأن الحقوق وإن كانت قد قررت لمصلحتك إلا أن دون متابعتها تجعل من مسألة الحصول عليها غير مؤكدة، نهايكم عن موضوع التقادم والذي بمروره تسقط الحقوق.
وفي كل الأحوال القانون لا يعلمنا الجبن ابدا، بل أن الإلمام بهذه الثقافة تقوي شخصياتنا، وتخلق وعي مجتمعي قائم على أن القانون هو أساس الحكم مما يضاعف رقابة الضمير قبل رقابة الأمير والمسؤول، والتي مع وجودها تخلق الأمن والعدل والتنافس وبالتالي يرتقي المجتمع ويرتقي معه النظام لنرى بعد ذلك زوال التعسف في استخدام القوة وتساوي في قوة الشخصات من حيث القانون؛ وكل ذلك بيدأ من الفرد أولا؛ بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) صدق الله العظيم.