الحملة الفارسية الثالثة على عمان في (( ١٧٤٤ – ١٧٤٧م ))
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الأول :-
كان عن الأحداث التي أدت إلى ظهور نادر شاه وذلك لتكوين فكره أو قاعدة معلومات عن هذا الإمبراطور الفارسي الذي سوف يكون له دور مهم في أحداث مهمة كان موقعها الساحة العمانية .
الجزء الثاني :-
أوردنا فيه عن الحملة الفارسية الأولى على عمان بناء على طلب سيف بن سلطان الثاني اليعربي آخر السلالة اليعربية الحاكمة وأهدافها والاستعدادات الفارسية لها والبدء في تنفيذ عملية الغزو وكذلك أسباب الفشل الفارسي في الحملة الأولى.
الجزء الثالث :-
عن الحملة الفارسية الثانية والاستعدادات لها وسير الأحداث فيها ونتائجها.
الجزء الرابع:-
تم استعراض الأحداث والأسباب التي أدت إلى تأجيل أو تأخير الحملة الفارسية الثالثة على عمان.
الجزء الخامس :-
كان عن بدء العمليات الحربية وما رافقها من أحداث مهمة ومعارك شرسة.
الجزء السادس :-
سوف يكون بإذن الله عن بزوغ نجم حاكم مدينة صحار أحمد بن سعيد البوسعيدي وإفشاله للحملة الفارسية الثالثة على عمان والآثار السلبية لهذه الحملة على الدولة والمجتمع العماني.
– استمر الصمود الكبير لمدينة صحار بقيادة حاكمها أحمد بن سعيد رغم الهجمات العنيفة للقوات الفارسية والحصار على المدينة من جهة البر والبحر.
– أمر نادر شاه بسحب قطع من سفنه الحربية استعدادا للهجوم على البصرة مما أدى إلى تخفيف الضغط عن القوات العمانية.
– نشبت خلافات عنيفة بين تقي خان وكلب علي خان مما أدى إلى إقالة كلب على خان وتعيين محمد حسين خان كاركلو مكانه.
– استدعي تقي خان إلى بندر عباس فوصلها في نفس يوم وصول كلب علي خان في أوائل ديسمبر ١٧٤٣م.
– عملية الاستدعاء تكشف عدم رضى نادر شاه عن قادته وبشكل خاص تقي خان الذي تسبب فشله في احتلال عمان بخسائر جسيمة بلغت عشرين ألف قتيلا .
نتيجة للظروف أعلاه اضطر تقي خان وقبل استدعائه إلى بندر عباس إلى التفاوض مع حاكم مدينة صحار أحمد بن سعيد وذلك في خريف ١٧٤٣م.
وتم الاتفاق على ما يلي :-
١- اعتراف تقي خان بأحمد بن سعيد حاكم على صحار وبركاء.
٢- يحتفظ الفرس بملكية مسقط.
٣- يدفع أحمد بن سعيد مبلغا” سنويا” من المال بشرط أن يحدد لاحقا .
– إن توقيع أحمد بن سعيد على المعاهدة لم يكن إلا مناورة سياسية ذكية ويهدف منها إلى ما يلي:-
١- التخلص من الحصار الفارسي
٢- التقليل من زخم تواجد القوات الفارسية.
٣- إعادة تنظيم القوات العمانية لبدء صفحة جديدة من القتال ضد ما سوف يتبقى من القوات الفارسية.
– قام تقي خان بثورة عارمة ضد نادر شاه وكلفت الأخير الكثير من الجهد والرجال حتى تم القضاء على الثورة ومعاقبة المسؤولين عنها.
– استغل أحمد بن سعيد الأوضاع الفارسية الداخلية والاضطرابات وكذلك انقطاع التموين عن القوات الفارسية في عمان للقيام بهجوم عليها فأجبرها على التراجع لما وراء أسوار مسقط.
– أمر أحمد بن سعيد والي بركاء بتخفيف نسبة الضرائب عن البضائع وعرض تسهيلات على السفن وما أن رأى التجار هذه التسهيلات حتى تركوا مسقط واتجهوا إلى بركاء فانقطعت المواد التموينية عن الفرس في مسقط.
– أدت الإجراءات التي اتخذها أحمد بن سعيد إلى نتائج سلبية للفرس وهي ما يلي:-
١- انقطاع الأموال والبضائع.
٢- الضجر والقلق الشديد.
٣- عدم دفع رواتب الجند.
٤- تمرد أعداد كبيرة من الجنود.
٥- انقطاع التموين.
٦- هروب أعداد كبيرة من الجنود.
– علم أحمد بن سعيد بالاضطراب الواقع في معسكر القوات الفارسية فاستدعى قادتهم وهم :-
١- زين الشيخ
٢- السلطون
٣- عميد بن عمش
وفور وصولهم إلى المكان المحدد تم إلقاء القبض عليهم .
– نودي في القوات الفارسية المحرومة من كل شي أن تتجمع لتوزيع المواد التموينية والأموال عليهم وما أن تجمعوا حتى أطبقت عليهم القوات العمانية وأمروهم بالاستسلام أو الموت فاستسلموا وسمح لهم بالمغادرة إلى بلادهم.
– استطاع أحمد بن سعيد طرد الغزاة من جميع السواحل العمانية ما عدا رأس الخيمة ومشارفها ظلت تحت السيطرة الفارسية حتى اغتيال نادر شاه في ١٧٤٧م بعدها عادت هذه المناطق إلى السيادة العمانية حالها حال جميع الأراضي العمانية.
وبهذا لم يحاول نادر شاه مرة أخرى السيطرة على عمان وذلك نتيجة القلاقل والثورات والمشاكل التي مرت بها بلاد فارس حتى اغتياله في عام ١٧٤٧م.
– بعد اغتيال نادر شاه انتهى الأسطول الفارسي إذ اقتسمه اثنين من ضباطه العرب وهم :-
١- الشيخ ناصر
في بوشهر
٢- الشيخ ملا علي شاه
في بندر عباس
وبذلك زال الخطر الفارسي عن عمان وانتهت أحلام الفرس بالسيطرة على عمان.
👈 الآثار السياسية والعسكرية للغزو الفارسي على عمان:
لقد تبلورت خلال الغزو الفارسي على عمان ثلاث تيارات سياسية وهي :-
١- التيار الوطني
وقاد هذا التيار الإمام سلطان بن مرشد اليعريي وحاكم صحار أحمد بن سعيد البوسعيدي وهما من أقوى الشخصيات العمانية فقد ناضلوا في سبيل الذود عن حمى الوطن لدرجة التضحية بالنفس وهو ما حدث باستشهاد الإمام سلطان بن مرشد.
٢-التيار المصلحي
ومثل هذا التيار بلعرب بن حمير بعد أن فشل في صد الغزاة وبدل الانضمام إلى القوات الوطنية استغل الأحداث ليحقق لنفسه بعض السيطرة والنفوذ هنا وهناك انتهت كلها بالفشل.
٣- التيار الرجعي
يعتبر هذا التيار أضعف التيارات وتزعم على التيار الإمام المخلوع سيف بن سلطان الثاني وعدد من أتباعه وذلك بطلبه المساعدة من الفرس لإعادة السلطة إليه مهما كلف ذلك من ثمن وفي كل مرة من الحملات الثلاث تنتهي بالفشل الذريع ولكن بعد أن تكون تسببت في كوارث لا تعد ولا تحصى.
– بعد توقيع معاهدة بين أحمد بن سعيد والفرس لإجلاء معظم القوات الفارسية عن عمان في أواخر سنة ١٧٤٣م ومطلع عام ١٧٤٤م انتخبه شيوخ الباطنة إماما” مقدرين فيه شجاعته وتصديه للفرس .
– تضارب المؤرخين في تحديد تاريخ انتخاب أحمد بن سعيد فذكر ابن رزيق أنها في سنة ١٧٤١م وذكر السالمي بأنها في سنة ١٧٥٤م أما ولست فذكر بأنها في سنة ١٧٤٧م وبالكريف ذكر أنها في سنة ١٧٥٩م.
وإذا أخذنا فيه الاعتبار تاريخ عقد المعاهدة مع الفرس وكذلك انتخاب بلعرب بن حمير إماما” كإجراء غافري معاكس للإجراء الهناوي فالأرجح بأنه انتخب في النصف الأول من سنة ١٧٤٤م وهذا التاريخ يتفق مع كل من لوريمر ووثائق الحكومة السعودية.
– انتخبت القبائل الهناوية أقوى شخصية في العائلة اليعربية بلعرب بن حمير إماما” في ٢٠ يونيو ١٧٤٤م.
– استغل بلعرب انشغال أحمد بن سعيد في الإعداد والتحضير العسكري لطرد ما تبقى من القوات الفارسية وسيطر على بهلا ونزوى وأزكي وسمائل .
– قام بلعرب بجمع جيش قوامه ٥٠٠٠ رجلا من قبائل النعيم والقواسم وغيرهم من القبائل المتحالفة معه وهاجم المناطق التي حررها أحمد بن سعيد ودارت بينهم معركة بالقرب من صحار انتصر فيها بلعرب واضطر أحمد بن سعيد إلى الانسحاب إلى ينقل وذلك في أوائل سنة ١٧٤٥م
– حاول بلعرب بن سلطان السيطرة على صحار ولكنه فشل في ذلك فاضطر إلى التراجع والانسحاب إلى الداخل.
– بعد انسحاب بلعرب وحلفائه من المناطق الساحلية عاد أحمد بن سعيد إليها وأخذ يعد نفسه سياسيا وعسكريا استعدادا لجولة فاصلة مع خصومه .
– تمكن أحمد بن سعيد من تحرير وطرد الفرس من مسقط واعادة السيطرة عليها.
– كان لهذا العمل مردودات إيجابية كبيرة جدا جعلت أحمد بن سعيد يفرض احترامه حتى على خصومه الغافريين حلفاء بلعرب بن حمير .
– قام بلعرب بن حمير بإجبار حلفائه بدفع مبالغ مالية كبيرة له كما قام ببث الفتنة بين شيوخهم وإيقاع بعضهم ببعض وكذلك سجنه لآخرين من الشيوخ .
– أخذت تصرفات بلعرب بن حمير تتصف بالحماقة والتسلط وهو ما جعل حلفائه يشعرون بالغضب والسخط منه.
– في عام ١٧٤٨م قام أغلبية حلفاء بلعرب بن حمير من القبائل الغافريين بخلعه من الإمامة مما ترتب عليه انسحاب معظم القوات المتحالفة معه.
– جاءت دعوه لأحمد بن سعيد من سكان نزوى يدعونه للقدوم إلى المدينة لتسليمه مفاتيحها واستطاعت قواته السيطرة على المدينة.
– حاول بلعرب استرجاع مدينة نزوى فدارت رحى معركة شديدة في قرية فرق بين القوتين في النصف الأول من عام ١٧٤٩م كانت نتيجتها مقتل بلعرب بن حمير اليعربي وتشتت قواته.
– بعد تقلد أحمد بن سعيد الإمامه حاول البعض التشكيك في انتخابه لأسباب متعددة ولكنه استحق وبكل جدارة تقلد هذا المنصب لقيادته الفذة وكفاءته وبصيرته وسياسته للامور بطريقة صحيحة ومعالجته للأمور بذكاء وفطنة.
وبهذا فقد أنهى الإمام أحمد بن سعيد حكم العائلة اليعربية في عمان بعد ١٢٥ عاما من الحكم وبدء بوضع حجر الأساس لحكم الأسرة البوسعيدية.
ترتب على الحملات الفارسية على عمان بأن خسرت عمان مقاطعاتها في أفريقيا كممباسا وباتا وزنجبار وكانت الخسارة من جانبين :-
١- الجانب السياسي.
٢- الجانب الاقتصادي.
لأن هذه المناطق تعتبر أهم المراكز التجارية العمانية ومصدر دخل للدولة العمانية تعتمد عليه اعتمادا كبيرا .
لقد بذل حكام البوسعيد جهودا جبارة ومضنية لإرجاع هذه المناطق إلى حظيرة الدولة العمانية .
كما نبه الغزو الفارسي الإمام أحمد إلى عدم وجود جيش نظامي للبلاد صحيح أن العمانيون معروفون بشجاعتهم المتميزة ولكن الدولة تحتاج إلى جيش جاهز في كل وقت ومستعدا” لدفاع عن الدولة فقام الإمام بتجهيز جيش وأشرف بنفسه على تدريبه وتسليحه وتجهيزه.
الخلاصة :-
لقد عانت عمان أوضاعا” اجتماعية واقتصادية صعبة ومزرية في ظل الغزو الفارسي إلا أن هذه الغزوات وهذه الظروف القاسية لم تزد الشعب العماني إلا مزيدا من التماسك ومزيدا من الإصرار وبعناد كبير لطرد الغزاة والذي تحقق في نهاية المطاف على يد أحد أبناء الشعب العماني وهو الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي.
وبذلك نكون قد انتهينا من المقالات الخاصة بالحملات الفارسية بجميع المعلومات الواردة في هذا المصدر وسوف ننتقل في المقالات القادمة بإذن الله إلى العلاقات العمانية الدولية في ظل حكم الأسرة اليعربية لكي نستوفي حق هذه المرحلة بشكل كامل .
المصادر :-
– عمان وسياسة نادر شاة التوسعية .
المؤلف :-
عدنان الزبيدي