2024
Adsense
مقالات صحفية

على حافة الانزلاق

على حافة الانزلاق

منى بنت سالم المعولية

أعيش توهاناً صباحياً، تبتلعني فيه شوارع مسقط، عاداتي الغريبة استوطنتني، صوت المسجل يخترق زجاج النوافذ، عند كل نقطة ازدحام أخال العيون ترمقني، أعيد الأغنية الواحدة مكررا بين المكانين من البيت إلى العمل، أستمع إليها حتى أضجر، ألتفت يميني، دائما يسبب لي سرحاني المعاناة، أفقد الجسر المؤدي إلى وجهتي، تكون الاستفاقة معاناة أخرى، وبمقدار المسافة التي تجاوزتها، أبحث عن نقطة رجوع، عن منفذ، عن مخرج يعيد لي ذاكرتي، تأخذني الدروب إلى الأحياء المزدحمة، إلى الممرات المتشابكة، أفقد فيها بوصلة الاتجاهات، أذهب غربا ووجهتي في الشمال، أو أنحرف عن الشرق دون أن أعلم أنه هو وجهتي! كثيرا ما عملت دوراناً حول المحور، يا إلهي، ما الذي يحدث!

أغيب لحظات عن الادراك لأتسبب لنفسي بفوضى مزعجة، أتسبب في ارتباكي في نسيان المسافات، في التأخير، كل ذلك كان بإمكاني تجاوزه بالحضور بالطفو على سطح مداركي، وجودي على السطح مفيدا أحيانا، يجعلني أرى العالم باتساع أكثر منه في تعمقي!

أقلب خارطة الهاتف أحدد وجهتي المفقودة، كبندول الساعة القديم أتردد حول نقطة ارتكازي، لم يخبرني أحداً أن أول ما يشيخ فينا هي ذاكرتنا، قال لي الطبيب يوماً إن الذين يعانون من انقطاعات الأكسجين النومي هم الأكثر نصيبا بالإصابة بمرض الزهايمر، انتشلت نفسي من التفكير بابتسامة، حلقت إلى الأربعين التي اقتربت بمسافة عام ونصف من الأن!!
ترى هل ستموت ذاكرتي؟

أعدت زيادة صوت المسجل، أعلم أن المزعج ليس هو ذلك الصخب الخارجي المقترب من سمعي، إنما يزعجني ضجيج الداخل، هو ذاته الضجيج الذي يفقدني حواسي، أعدت تدوير مقود السيارة، وعلى محض الصدفة وجدت طريقي، وبدأـت يومي الحقيقي، المدهش في الأمر أن ذاكرتي لا يتعبها العمل وتستمع به، لكنها فقط تشاكسني في خصوصياتي.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights