2024
Adsense
مقالات صحفية

عش بصيراً ومت معدم الفكر فقير

علي بن مبارك اليعربي

لدى الكائنات الحية وسائل عديدة للإدراك تعمل على مساعدتها في معرفة الأشياء وتميزها.
و هذه وسائل تقليدية حسبما صنفها أرسطو لنا قديما وهي الحواس الخمس ( البصر و السمع و الشم و التذوق و اللمس ) كما نعلمها جميعا و تمتلكها كل دابة حية على وجه الأرض ، و قد ميزنا الله سبحانه وتعالى ، وكرمنا عن سائر مخلوقاته، بأن جعل فينا عقلا مدبرا مدركا.
لهذا استطاع من خلال عباده الذين أدركوا أنهم أتوا إلى هذا الدنيا وهم لا يملكون شيئا ، ويغادرونها وهم مفرغون من كل شيء لذلك عملوا على أن يكون لهم فيها كل شيء حتى بعد مغادرتهم لها بما يتركونه من بصمة تحمل اسمهم بعد رحيلهم.
حينما قالوا :إننا نحن البشر لدينا حواس ست تضاف إلى تلك الموجودة في الكائنات الحية الأخرى فيكون المجموع إحدى عشرة حاسة .. الداخلية منها والخارجية (كالشعور بالألم و التوازن و إدراك الحركة والشعور بالوقت وبالاتجاه و القدرة على إدراك التحول في المجال المغناطيسي ولأن الله قدر لنا أن نكون خلائف في الأرض أوجد فينا تلك الصفات ووجهنا إلى استعمالها في خلافة الدنيا وإعمارها.
عندما قال في محكم التنزيل بسورة الذاريات (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23).
إذن إحكام العقل وتنظيم الفكر وافراغه فيما يفيد قبل مغادرة هذه الدنيا ، فهو مركز الإدراك والتفكير والإبداع وأعلى مراتبه.، لهذا اختصنا الله به لنميز ونعي ونبدع ونبتكر لتبقى الدنيا عامرة مزدهرة.
وبما أن الله عز وجل قد جعل لنا مكانة بين مخلوقاته فلا بد لنا من تعزيز تلكم القيمة والمكانة بالتفكير الإبداعي وذلك من خلال القدرة على رؤية الأشياء التي تبدو مألوفة للآخرين بطريقة غير مألوفة وترتيب هذه الأفكار بأسلوب مغاير وحسب المعطيات كما يجب علينا أن نسخر طاقتنا لإنتاج أفكار جديدة بذلك نكون منتجين وغير مستهلكين فقط وهذا ما يتميز به العقل البشري فهو متجدد ويحسن ويطور ما ينتجه الآخرون في مختلف المجالات كل حسب قدراته وطاقاته.
وهذا ما يسمى بالتفكير الإبداعي ، و لن يتأتى لك ذلك إلا إذا أدركت أن العقل البشري ينمو ، وتقوى مداركه حينها سنكون منتجين لا مستهلكين ولن نوجد الأعذار التي تعيقنا عن التقدم والازدهار و سوف نخرج من الدنيا مسلحين بما قدمناه للناس لنحقق شرط وجودنا في هذه الدنيا و إلا فلن يكون لحياتنا معنى، و أن نمعن التفكير فالاستخدام المستمر للعقل يزيد من قوته وفاعليته حتى مع تقدمنا في العمر فنحن لا نستخدم إلا ما يقارب ٢٠٪ فقط من قدراتنا العقلية عند بذل أقصى درجات التفكير و لزيادة تلك النسبة هناك طرق عديدة .. منها تنمية القدرات العقلية اللفظية وهو ما يسمى بالذكاء اللفظي أو اللغوي من خلال القراءة وتعلم أصول الكلمات ومعانيها والمصطلحات العامة، وحضور والمحاضرات والندوات و الاحتكاك بمن يمتلك لباقة الحديث ولا ننسى أن لدينا قدرات عقلية مرئية أو ما يطلق عليه الذكاء المرئي وهو قدرة التخيل وتكوين الصور والأشكال ، وتخيل الكيفية التي تكون عليها الأشياء ، ومحاولة تعلم الرسم واستخدام الأرقام وحل الألغاز والتدريب على التحكم العاطفي من فهم عواطفنا وعواطف من حولنا.
مع ممارسة الرياضة فكما يقال العقل السليم في الجسم السليم.
فكل منا له دماغ رياضي ودماغ خيالي وقدرتهما متساوية وأي خلل في أحدهما أو كليهما يكون سببه إهمال منا لذلك عزيزي يجب عليك ألا تعطل عقلك وتدفن أفكارك معك بعد موتك فأنت محاسب على كل شيء وهبك إياه رب العزة والجلال فقد امتدح الله عز وجل من اعتصر عقله و تدبر وأمعن التفكير فيما حوله وأنتج و أبدع و لم يتلقَ فقط بل شارك وتفاعل كل أولئك سماهم المولى عز جل _أولي الألباب ، وخصهم بأجل العلوم وأنفعها فقال في محكم التنزيل ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾[البقرة: 269] لهذا فقول لكم :. كن في زمرة أصحاب العقول واجعل عقلك معملا للأفكار الخلاقة حتى لا تغادر هذه الدنيا ولديك أفكار دفينة في دماغك لم ترَ النور كانت من الممكن أن تسهم في إسعادك و إسعاد المحيطين بك فكما قلت لك (عش بصيرا ومت معدم الفكر فقير)

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights