مقالات صحفية

الشخصية بين البيئة والوراثة

علي بن مبارك اليعربي

الاخصائي الاجتماعي بمدرسة مازن بن غصزبة بولاية سمائل

كثير من التساؤلات تطرح في موضوع عوامل التكوين الخلقي للإنسان أي شخصية الفرد. حيث أن الكثير من علامات الاستفهام وضعت حول العوامل المؤثرة لذلك النسيج المكون لشخصية الإنسان ومن أهم هذه التساؤلات هو : هل يتشكل الخلق بالتربية أم ينقل بالوراثة؟ ويسأل آخر من الغالب على الشخصية الطبع أم التطبع؟
أي كائن في هذه الدنيا سواء أكان من صنع خالق البشر أم من صنع البشر له مكون يتفرد به عن غيره فما يصنعه البشر أنفسهم يكون لخدمة مصالحهم فقط فهو يؤدى الغرض المصنوع لأجله ولا مجال لهذا المكون تغيير صفته أو مجال عمله ومع أنه تم صنعه للقيام بمهام محدده فقد يواجه صعوبة كبيرة عند القيام بتلك المهمة بسبب وجود خلل في عملية التصنيع وهو ما يسمى في علم الصناعات بعيب تصنيعي وأما عند صانع الكون وخالق البشرية فهناك تفرد في الصنع ودقة في توزيع مكونات الفرد الجسدية والروحية والنفسية وهناك (تراكيب بنائية ثابتة) يتم وراثته من الاستعدادات النفسية مثل الطبع والمزاج الأساسي والوتيرة الشخصية والسرعة في ردة الفعل وسعة الخيال و التخيل والمهارات الحركية وأسلوب التفكير وكل هذا من صنع الرحمن وخالق الأكوان فمن بدائع صنعه بأن جعل لمخلوقاته من البشر نفس مريدة قادرة على التحكم في كثير من مكوناته الجسدية والعقلية والنفسية ومع ذلك فهناك العديد من التأثيرات البيئية المنشطةضرورية لتطوير تلك الثوابت وتشكيلها ولكي تعمل هذه الثوابت بكفاءة عالية نخضعها لعمليات التعلم طبقا لمبادئ وأهداف ومعايير ونمط حياة المجتمع واهتماماته في مرحلة ما قبل النضج مرحلة الحضانة الأسرية بعدها يصبح لدى الانسان القدرة على عمل التوازن و التوافق النفسي والاجتماعي لهذا فليس من المنطق فصل الجينات الوراثية في تشكيل شخصية الفرد عن البيئة لأنها البوتقة التي تنصهر فيها تلك الثوابت تنمو من خلالها أو تذبل و تنكمش وتتعطل بعض وظائفها أو تتلف فيفقد على أثرها الإنسان صحته النفسية ويفقد قدرته على الإنتاجية. فالبيئة هي مركز العمليات اللوجستية لتكوين شخصية الفرد.

و يعزى للأسرة دورها في تشكيل شخصية الفرد لهذا فأنا أركز دائما في معظم مقالاتي على تجسيد دور الأسرة في تكوين شخصية الأبناء. فكما يقال (الإنسان ابن بيئته) ولا يلغي هذا القول دور الجينات الوراثية في تشكيل شخصية الفرد ولا يعني ذلك بأن يعتقد الواحد منا جازما بحدود معينة للقدرات التي يمتلكها أطفالنا مع الإيمان بوجود فروق فردية بين البشر إلا أن هذا لا يجب أن يعيق سعينا المستمر في تنشيط تلك الثوابت المكونة لشخصية أطفالنا وبنائها حسب إمكانياتهم وقدراتهم وتعطي مع تلك الفروق لايجاد التميز والإبداع بما يتواكب ونقاط الضعف و القوة لديهم بهذا فقط نتمكن من مساعدتهم في بناء شخصيتهم المستقلة والمتفردة.

خلاصة القول بأن شخصية الفرد منا جزءا لا يتجزأ من الخصائص الوراثية والمكتسبة مع ضغط العوامل (الخلقية) وتأثيرها ليظهر فيها الباعث الوراثي بطريقة أو بأخرى وكما يقال (العرق دساس) رغم المحكات التربوية والتنشئة الاجتماعية كلها تتفاعل لإيجاد معادلة لنمو شخصية الفرد في المجتمع وهي :- النمط الوراثي + البيئة = السلوك الظاهري.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights