تريد مني ما أريده منك
إعداد / علي بن مبارك اليعربي
نعم قد يبدو لك حمق ما أقول وتستنكر هذا وتحدث نفسك كيف أعطيه ما أنا أريده؟ ولو كان معي لماذا سألته إياه؟ لكن اعلم أخي أنها معادلة في قانون الوجود البشري هي تركيبة بمعادلة حسابية رموزها أحرف لا أعداد (ما تعطيه يساوي ما تأخذه) ولكي تستطيع حل فصول هذه المعادلة عليك اتقان فن التعامل مع الآخرين وهذا ليس بالأمر السهل كما أنه ليس بالصعب.
من الناس لو رجعنا لحاجتنا نحن البشر لوجدناها مشتركة فالكل يسعى لتحقيق ذاته فنحن بحاجة إلى الإهتمام بنا من قبلهم وحاجتنا للتقدير والإحترام والمكانة ونسعى نحو التملك والسلطة والسيطرة كما أن هناك دوافع ونزعات عدائية بالإضافة إلى سعينا للرعاية والأمان وإلى الألفة وكسب الصداقات وتوطيد العلاقات الأسرية والصحة الجسدية والأمان بكافة أشكاله (الأسري والصحي والوظيفي. الخ) كحاجتنا للطعام والماء والنوم والهواء
ما دامت حاجتي هي حاجتك فمن الطبيعي إنني اريد منك ما تريده مني. لذلك قلت لك ( تريد مني ما أريده منك). فهذا لن يتحقق الا إذا امتلكت فنيات التعامل مع من حولك بمعني أنك تفكر في حاجاتهم لكي تكسب حاجتك منهم. فأنت مثلا تريد منهم ان يحترموك إذن احترمهم فقط احترم مشاعرهم وأحاسيسهم ووجهة نظرهم كما ان عليك بتنظيم عمليتي الأخذ والعطاء بحيث لا تطغى الأولى على الثانية أوالعكس فكلاهما يؤثران على علاقتك بالآخرين وهذا يشمل جميع تعاملاتك في كسب ما تريده من الآخرين مع الأخذ بعين الإعتبار بأن لكل منا طريقته في التعامل ما عليك إلا اتقان فن التعامل مع الناس وكيفية التأثير فيهم وهذا للأسف لا يجيده البعض منا رغم أن ديننا الحنيف حثنا على اتقان القواعد السلوكية المنظمة لتعاملنا مع بعضنا في قوله تعالى في سورة الأعراف {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
ولم يأت امر الله في هذه الآية جزافا بل لعلمه سبحانه وتعالى بفطرة الانسان على التوازن والاستقامة وكذلك في قوله تعالى في سورة الشمس ” وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا” رغم ما يعتري الإنسان من ضغوطات قد تواجهه في حياته اليومية تكون بين الانسان ونفسه وبينه والآخرين. ويطلق عليه علماء النفس بالصراع وهو يحدث حين لا يستطيع الفرد من إرضاء دافعين معا أو عدة دوافع. فهنا يأتي دور ما جبلت عليه وما اكتسبته من مهارات وقواعد وفنيات التعامل مع الاخرين وكيفية التأثير فيهم.
فالإنسان عزيزي القارئ كما هو معلوم لديك مكونٌ من عدة جوانب نفسية منها واجتماعية بالإضافة الى جوانب فسيولوجية، فهو ليس آلةً تضبط بزر التحكم وإنما هو إنسانٌ بروح وجسم وعقل ولديه مشاعر وأحاسيس بحاجٌة لتغذية هذه الجوانب مجتمعه. لذلك عزيزي القارئ احذر من تطبيق المقولة (من لا يملك جمال الفكر.. يستعرض جمال الجسد) وتعامل مع الآخرين بقلبك لا بلسانك به يكون لديك جهاز التحكم بقلبهم والذي طالما امتلكته حصلت به على ما تريده منهم.