الجليس الصالح والجليس السوء وأثره على السلوك العام
خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
إن لكل منا حياته الخاصة للتعايش مع الآخرين في بيئةٍ ملائمةٍ تتوافق مع مجريات حياته وميوله ورغباته الشخصية التي تناسبه؛ والله خلقنا جميعاً لنتفاعل مع البشر والبيئة المحيطة وفق قدرات كل واحد منا وطبيعة نفسه البشرية التي فطر عليها، وفي نفس الوقت وهبنا الله تسيير الأمور الحياتية وفق منهجية النفس ورغباتها ، وقد يفقدنا في بعض الأحيان السيطرة على التحكم فيها بسبب مغريات الحياة و سلوك القرين البشري الذي نختاره ليكون جليساً لنا وصاحباً ورفيقاً ، فإما أنه يكون سبباً لقوام السريرة وإما أن يكون هاويةً وانزلاقات تقود إلى طريق فساد النفس.
لذلك كان لا بد من أن نحكم عقولنا ونزن الأمور قبل أن نتخذ القرار في اختيار الجليس والصديق والصاحب ، وعلينا كأولياء أمر أن نساعد أبناءنا في ذلك القرار ، إما بالتوجيه وإما بالمراقبة والنصح للابتعاد عن مواطن المستنقعات التي تؤدي إلى طريق مظلم يفقدنا ويفقدهم السيطرة على مجريات قيادة السفينة إلى بر الأمان ؛ ويكون تركيزنا على الركائز الأساسية التي يمكن أن نضعها في الإعتبار لكي نضع النقاط على الحروف بالشكل الصحيح الذي لا يغير من معاني الكلمات بمجرد تغيير أو تحريك ساكن أو متحرك ؛ فبدلاً من توجيه مفهوم – الصياغة – ربما نقع في مفهوم –
الضياعة- ؛ أو توجية مفهوم – البِّر- نقع في مفهوم – الشر – ؛ وهكذا دواليك في باقي المفاهيم المتضادة أو المتغيرة في المعنى بالرغم من تشابه حروفها.
فَلَو أمعنا النظر في الحديث النبوي الشريف عن النَّبِيَّ ﷺ حيث قَالَ: (إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً )؛ لوجدنا أن المفهوم العام للحديث أن أثره كبير ليس على الفرد فحسب فإنما يشمل السلوك العام للمجتمع ؛ فإذا كان الجليس صالحاً فإن أثره لا شك يسعد المجتمع ويساعد الأفراد على العيش في استقرار وهناء وصفاء لتحقيق التعايش السليم ؛ وأما إذا كان الجليس سوءً فإن سوءه يؤثر سلباً على السلوك العام فتكون النتيجة عكسية ويصبح المجتمع غير متماسك ويصيبه الترهل في شتى مجالات الحياة وخاصةً إذا كان الأثر السلوكي السيء طاغٍ على القلة وحينها يتذمر الأنقياء من الشرذمة ولو كانت قليلة فإن أثر هذه الرفقة السيئة يصبح مرضاً مستعصياً يصعب شفاؤه بسهوله ؛ وبذلك نشعر دائماً بأن هناك ضعفٌ عام يشل حركة الإصلاح ونكون ضحيةً لذلك السلوك السلبي المتفشي الذي نشتكي منه …. وما أكثره في هذا الزمان …..