النقوف الرهيف
حمد بن سيف الحمراشدي
لكل مجتمع عادات وتقاليد وصفات ومميزات قد تتشابه بعضها إلى حد ما بين مجتمع وآخر وهذا غالبا موجود بين شعوب الأمة العربية .
المواطنة جملة ما يميز بعض المجتمعات عن بعض وما يتمسك به المواطن من بين الثقافات والصفات والميزات التي قد ينفرد بها أو لا ينفرد وتنتقل بين جيل وآخر .
ومن الأشياء التي لا تنسى ولا يمكن إهمالها إطلاقا وتبقى في الذاكرة موجودة وللنفس مرغوبة أنواع الوجبات المحلية التي عاش عليها أجيالا عديدة.
ولست عاقداً العزم ها هنا على إستعراض كل أنواع المأكولات والوجبات ولا تميز كل محافظة أو ولاية أو حتى أسرة وإنما أردت أن أتطرق إلى نوع واحد فقط وهو الخبز العماني الخفيف ( الرهيف ) واليابس .
هذا النوع من الغذاء والذي يخبر من طحين البر وعلى (موقد ) مكون من أحجار ثلاث، وتوقد النار بحطب من بقايا الأشجار كل أنواع الأشجار وغالبا تفضل النساء إستخدام حطب شجرة تسمى ( العسبق ) وهي شجرة لا تنبت إلا في مجاري الأودية وفي الجبال والسهول الجافة وهي شجرة قليلة الورق صلبة العيدان ولونها أصفر ونارها حامية جدا ويبقى جمرها فترة طويلة أكثر من شجرة السمر والتي أشتهرت بحرارة نارها وكذلك شجرة السدر .
هذا النوع من الخبز هو الأكثر رغبة وأكثر الأصناف التي يمكن تناولها مع أي نوع من الأنواع الغذائية الأخرى والسوائل كالشاي والحليب وما يعرف الآن بالصالونة وسابقا بالمرق.
ما أثارني في هذا السياق وكتابة هذا المقال الجميل هو أنه سابقا وربما مع البعض حتى الآن حينما يسقط جزء بسيط من ذلك الخبز على ( لعزاف ) وهو الفراش الذي يوضع عليه الطعام أثناء الأكل والذي أستبدل الآن مكانه بفرش من النايلون وتسمى بالسفرة، كان الآباء والأمهات قد علمونا أنه لو سقط جزء بسيط من الطعام على الأرض علينا أن نسرع في أخذه، وكأن الإهمال في عدم الإهتمام ببقايا الطعام في ذلك الوقت جريمة في داخل الأسرة، فإما أن يؤكل وإما أن يطعم به الدجاج أو القطط أو غير ذلك .
ألذ وأجمل طريقة لإلتقاط ذلك الجزء البسيط من رغيف الخبز مهما صغر أو كبر هي أن ترطب طرف أحد أصابع اليد اليمنى بريق بسيط من اللسان وتوضع على الجزء الصغير الذي سقط ويلتصق تماما بالأصبع وبعدها إلى الفم وهنا تطول الجلسة بعد تناول الطعام والحديث بين كبار السن ويستمر إلتقاط تلك الأجزاء الصغيرة التي تناثرت لكونها طعام ونعمة من عند الله.
لو تتبعنا بعمق الفواصل الدقيقة في ما هو موجود من عادات الطبخ وتناول الطعام لوجدنا أننا بحاجة إلى تدوين الكثير والكثير وإلى إعداد كتاب وربما إلى كتب .
لكن إلى هنا وأقف لكي أعود إليكم من جديد بموضوع آخر شيق.