تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

حاولت أن أجد عنوانا ولم أفلح

حمد بن سيف الحمراشدي

تعودت على السفر بين حين وآخر، حتى صار عادة لازمتني كجزء من حياتي، وحتى لا أخفي سرا إن معظم رحلات السفر كانت لعدة أهداف، ولأكثر من زاوية أهمها التغير والإطلاع على حياة الشعوب، وسبل العيش، والعلاقات الإنسانية، و زيادة  المعرفة بالحياة الإجتماعية في مختلف المدن والريف.
ولأن السفر له ميزاته وخصوصياته، وبه إكتساب الكثير من المعرفة سواء بالمشاهدة أو السير بين المنازل، والسكك الضيقة، والمنازل القديمة، أو المدن ذات التاريخ، أو بمجالسة الناس في السوق والمحلات التجارية، أو أماكن النزل أو في زيارات تتاح لي في المنازل مع رجل مسن، أو عائلة فقيرة، أو متوسطة الحال، أو أن تأخذك وسيلة نقل أي كانت وفق طبيعة البلد التى أزورها، وأستمتع بالجلوس مع الركاب، وهنالك الكثير من المواقف التى مررت بها، ومنها حوادث السير، وحافلات النقل المكشوفة، والعربات الصغيرة، وزحمة الباصات وغير ذلك ..
فالسفر  أقل ما يمكن أن يقال عنه إلى جانب كسب المعرفة، والثقافة المباشرة من خلال المشاهدة والأستماع، والجلوس مع الأخرين، أنه متعة، وعلاج نفسي، وفكري وروحي دون الحاجة إلى طبيب تخصصي..
وفي خضم المشاهدات والمواقف التي نجدها في كل رحلة سفر  فهي تضيف لي شيئا جديدا من أسرار الحياة، وأسرار البشر، بعضها مؤلمة قاسية، وبعضها تجدها وكأنها نقطة عطر رومانسي على ظهر اليد اليمنى تستمتع في كل مرة وانت تستنشق ذلك العطر الذي يروح عن النفس في لحظات قصار.
مواقف بدأت في تدوينها وتوثيقها آملا أن أضمها في سلسلة كتب تحكي منوعات ممتعة ليسعد بها القارىء.
هنا مشهد مؤلم، ولقد حاولت من خلال هذه المقدمة أن أضع له عنونا ولم أفلح لفداحة الأمر ولإنني لم أعرف من هو المسؤول؟؟؟ …
شاب عربي جميل المحيى لطيف القول واسع المعرفة يبدو أنه من عائلة عربية، يبدو أنها ثرية أو على الأقل غنية جدا، ويظهر ذلك من خلال ملبس الشاب وهاتفه وساعته، ونوع اللباس الذي عليه شاب يؤسف عليه أن يصل إلى ما وصل به الحال، وأنا مع أخرين في مدخل الفندق ونتناول الشاي، مر الشاب العربي وهو مزهوا بنفسه، وكأنه يملك الدنيا وما عليها، سلم وجلس قربنا وماهي ألا لحظات فأخذ كل منا ينظر للآخر لتقييم حال الشاب والسؤال على شفاه كل منا  لماذا؟ هو هكذا  .
يتحدث ولا يعرف ماذا يقول يعيد ماقله ينهض ويصافح من جديد، ويعود ليجلس، وينهض ويحك في رأسه ثم أطراف يديه، ويقول لنا نعم أنت من سلطنة عمان، وأنت من دولة كذا وكنا ثلاثة، أخبرنا أنه مدمن وأدمانه وصل به الحال إلى قاب قوسين أو أدنى من الجنون .
يقول رصيدي كان كذا، وعندما قمت بمقارنته بالريال العماني وصل إلى عشرة الآلاف، ويضيف أن والده لا يمانع أن يعطيه المزيد، ويعود ليضحك ويخبرنا أن مبلغ كهذا لا يسد حاجته لمدة شهر ولكن يجد غيره، ويعود ليضحك و يصافحنا من جديد ويضع رأسه بين يديه، ويسكت برهه ويعود إلينا من جديد ليسألنا من أين نحن ..
الشاب العربي وصل لتلك الدولة وللأسف ليست عربية بصحبة عاملة منزل غير عربية لتكون في خدمته، وهما يبحثان عن علاج للإدمان، يا للعجب  أين والده أين والدته أين أخوانه وأخواته وأقارب، أين المال وهو يبحث عن العلاج  صارت العاملة هي من تكون في صحبته دون ذويه والباقون أين قال مشغولين .
لم يستطع أن ينام أول ليلة ينزل بها الفندق، فخرج يبحث عن المخدر ولم يعد، وفي الصباح صار الكل يبحث عنه، الأجهزة الأمنية تبحث وعاملة المنزل تبكي وتبحث ولم يعد الشاب الجميل الا بعد مضي ١٨ ساعة تقريبا، بعد أن خرج بلا معرفة ولا دليل ولا زميل ولا صديق، عاد بعد جهد  وكأنه على وشك على مفارقة الحياة، وهو منهك متعب  بلا مال ولا هاتف ولا حتى جرعة ماء تعرض للأذى وكفى ..
هنا مشكلة حقيقة ربما الأفضل أن أضعها في أسئلة خير من الأجوبة، ترى كيف وصل للمخدرات ومن هو المسؤول  أين الأب و الأم وأين بقية أهله؟؟؟ هل هم حقا مشغولين كما قال ليرسلوا  أبنهم مع عاملة منزل لا تعرف العربية وليست عربية والأبن في حالة مرضية لدرجة الجنون.
أمر يقشعر له البدن أن نترك مسؤولياتنا كمجتمع وأسرة وأقارب وكل الجهات المعنية، وأن يترك الشباب ضحايا الترف والمال والضياع أنه عربي للأسف.
الأوطان العربيه صارت تتألم والكثير من شباب الأمة  يتألمون،
ويبقى السؤال ما هو السبب؟؟؟ ومن هو المسؤول؟؟ المال؟ أم  الوطن؟ ام الأب؟ أم الأم؟ أم  من؟؟؟ ….

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights