2024
Adsense
مقالات صحفية

مستقبلي منذ ولادتي

علي بن مبارك اليعربي

الاخصائي الاجتماعي بمدرسة مازن بن غضوبة بولاية سمائل

منذ أن يولد الإنسان أي بمجرد أن يكون على ظاهر الأرض يبدأ التخطيط المستقبلي لحياته كل حسب جنسه. وقد يسأل سائل: كيف يكون ذلك؟ وهو لا يعي من هو؟ أو من يكون؟ أقول لك عزيزي بأنه بدافع فطري لدى الوالدين تنطلق الأفكار العفوية بالتخطيط المباشر لمستقبل هذا الطفل، وفعلا تبدأ معه بسلوك الوالدين في عدة اتجاهات حسب الرؤية المستقبلية له، وتختلف تلك الرؤى حسب الجنس ذكرا كان أم أنثى وهنا أهمس في أذن كل مرب ومربية وأقول لكما: ما دام التخطيط المبدئي المستقبلي لمولودكم سوف ينطلق منكما ومنذ فترة الحمل والولادة ويستمر طوال فترة التنشئة فالحذر الحذر من أن تكون تلك الخطط و البرامج تبتعد كثيرا عن القيم والمبادئ والعادات والتقاليد الحسنة والتي لن تترسخ إلا بالنمذجة أي من خلال السلوك الإيجابي النموذجي للوالدين. و يجب أن يدركا بأن الهدف الأساسي من ذلك هو تحويل ذلك الكائن البيولوجي إلى كائن اجتماعي قادر على الضبط الذاتي بمبدأ خلقي وفق أسس ومعايير واتجاهات اجتماعية وأنماط سلوكية متوازنة تساعده على التوافق النفسي والاجتماعي تجعل منه ذا كينونة مستمرة ومتفاعلة و مؤثرة ومتغيرة ليصبح عضوا فاعلا راشدا ومسؤولا في مجتمعه. وليس هذا فحسب، فالأمانة الملقاة على عاتقنا جميعا نحن البشر كبيرة جدا، والتنشئة الاجتماعية هي ضبط السلوك الإنساني بما يجعل من الفرد قادرا على التناسق الفكري مع أفراد مجتمعه بأسلوب يجعل منه محافظا على أداء مسؤولياته وواجباته نحو الآخرين، ويسهم في إعمار الأرض محافظا على العدل والمساواة وتجنب كل ما يؤدي إلى الفساد، فهذه الأمانة التي ذكرها الله في قوله تعالى:- (( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)) (الأحزاب / 72.)
كما عليكما أيها الوالدان أن لا تغفلا شيئا مهما ألا وهو مرحلة التغيرات الفيسيولوجية وهي ارتباط النفس بالسوك لدى الجنسين من البشر وما يحدثه ذلك من ظواهر نفسية طبيعية سوية أو غير سوية، أما السوية فتظهر من خلال الاتزان الانفعالي وتحمل المسؤولية والضبط والتحكم بالغرائز وتنظيم الحاجات والمشاركة الاجتماعية والتعاون وغلبة قيم الرحمة والتسامح والعطاء والإسهام في خير المجتمع. وأما غير السوية فتظهر من خلال الأنانية وعدم ضبط الانفعالات والغرائز وغلبة القيم السلبية وظهور الاضطرابات النفسية وغيرها كثير مما لا يمكن حصره. فالتنشئة السليمة هي تلك التي تحافظ على التوازن بين الوظائف الفيسيولوجية والبيولوحية والنفسية والوجدانية والروحية. بهذا فقط، أيها المربي، تكون قد أوجدت لديه القدرة على تكملة تلك الخطط والبرامج التى وضعتها لأجله حتى قبل حمله وأثناء ذلك وبعد ولادته، وقد يزيد عليها و يسعى إلى تطويرها بما يتوافق مع إمكانياته وقدراته الجسديه والعقلية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights