هلال السليماني
أتعبتكم غزة.. هذا الخنجر الذي انتصب في صدر الطغيان والجور، أتعبتكم كتائب القسام؛ هؤلاء القادمون من زمن المستحيل. أتعبتكم غزة برباط أهلها، أطفالها، ونسائها، وشيوخها؛ هؤلاء القادمون من صحراء الجوع، شعب أبي طالب يتخففون من الحياة ومن شبعها، يتخففون من الأوجاع والبكاء إلى حيث السكينة التي تغلف القلوب.
أيها الصامتون في زمن الضجيج المر وفي زمن الانكسار؛ وحدكم تقفون شامخين كشموخ الجبال راسخين في كبرياء البطولة. لقد هزمتمونا صمودا وعزة وفخرا. أنتم الواقفون عند نهاية العالم وعلى شفير الموت وعند بداية الحياة، لقد امتدت إليكم يد الله لتنتشلكم من عبث هذا الوجود والطغيان إلى الخلود؛ لأنكم تستحقون الحياة مع الخالدين. طوبى لتلك الأرواح الطاهرة الزكية التي ارتقت إلى السماء، وطوبي للغرباء منكم؛ لأنكم تعيشون وحدكم وتموتون وحدكم، ما عاد الوجع يوقظنا، وما عادت مشاهد الدماء تثيرنا. أنتم القادمون من فجر الحقيقة، ارحلوا.. لتطمئن قلوبنا أن الأخيار لا يعيشون بيننا، احثوا على وجوهنا تراب آلامكم، ما عدنا نطرب للبطولات والأمجاد، لقد انكسر عندنا سيف خالد، ومات عزة صلاح الدين وهزمت قبائلنا، فما عادت النساء تلد الرجال.
لقد عقمت، وما عاد أطباء العالم ينفعون.
ماذا سنقول للتاريخ؟! حين يسألنا بماذا سنجيب أطفالنا حين يجلدونا بنظراتهم؟!
آه يا زمن الوجع الممتد في شرايينا. كم نحن غرباء في هذا العالم؟!! لقد انتهى زمن الأسئلة. أعيرونا شيئا من بقاياكم، فكل الأشياء عندنا فقدت ألوانها…!
