مذكرات إنسانة نادمة (2)

سالم بن محمد المعشري
رغم أن راتبي كثيرٌ، لا أدفع منه سوى مصروف بترول ،ما أدخره، لا يدخره مسؤول في إحدى الدوائر ، ولهذا أحس بالنقصان ، أريد الزيادة ،بعض الأوقات أكلم نفسي في هذا التشتت اللامعقول، عندما أقارن صديقتي بي , التي تستلم أقل من راتبي ,وهي في أحسن حال ، دائمًا تشكر الله في كل شيء , ولكني لست أحسن عنها في ذلك فأنا معظم أوقاتي في الصلاة , والأدعية وقراءة القرآن حتى أبنائي لا يروني كثيرًا لكثرة العبادة ولكن الله تعالى أيضًا نبهنا عن البخل قال تعالى(( وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ))
هل تلك النقود والذهب التي أجمعها ستُنثر فوق جسدي بعد مماتي؟
((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ولا ينفقونها في سبيل الله ))سورة التوبة، لا أدري ما هو هدفي في الحياة ، رغم أنه لا ينقصني أي شيء ولكن حالتي تبدو كفقير لا يمتلك قوت يومه ،لا حول ولا قوة إلا بالله ، مرض ينتشل جسدي، تخبرني صديقتي ذات يوم، أنها هي من تأخذ أولادها للعشاء في مطاعم راقية رغم راتبها المتدني , -يا سبحان الله- وأنا أستلم ثلاثة أضعاف راتبها ولكن ليست لدي الجرأة لأدعو نفسي لمقهى الحارة حتى لا يُكشف أمري إني أمتلك نقودًا،والناس مكبدة بالديون ومرتاحة وتغني يا ليل وأنا الغريقة في بحر الأوهام أنتظر متى أستيقظ من هذا المرض الذي يلف بي وأنا بين موجودة وغير موجودة ، أنا وضعي -والحمد لله-أفضل بكثير .ولكن سوء الظن القاتل يلاحقني في أبسط الأشياء، دائمًا أتصنع الفقر ،وجميع من حولي صدّق القصة حتى صار بعضهم يمدون عليَّ بالصدقة ولا يدرون ما أمتلك، شكوك عمياء تطرحني أرضًا،وأكون سجينة إلى آخر عمري ، أنا الغارقة في بحر المرض ، لست مرتاحة ،
متى أفيق من غيبوبتي التي طالت مدتها؟