البضاعة المزجاة

شيماء بنت سعيد الرقادية
نأتيك يا الله ببضاعة مزجاة، لا نملك غيرها، ولا نرجو سواك. قلوبنا بين يديك مثقلة بالذنوب، مثقوبة من الداخل، ضائعة في زحام الحياة، لكنها ما زالت تنبض بنداءٍ خافت: “يا رب”. نناجيك بحياء ذي البضاعة المزجاة، من لا يجد في كفّيه ما يليق بجلالك، لكنّه يطمع في كرمك، ويأوي إلى عطفك، ويسجد لوجهك متوسلًا بضعفه، بدمعه، برجائه.
يا من إذا أعطى أدهش، وإذا جبر أشفى، وإذا رحم وسِع، ها نحن نمدّ إليك أكفّ الرجاء، وقد مسّنا الضرُّ من كل جانب، وخذلتنا أنفسنا مرات ومرات، فعدنا إليك نطلبك بعين من علم يقينًا أن لا ملجأ من الله إلا إليه.
إلهنا، إن كنا أتيناك بعمل قليل، فاجبره بفضلك. إن كنا قد أسرفنا على أنفسنا، فعفوك أوسع. نحن المؤمّلون في جود من يوفي الكيل، فلا تردنا خائبين. لا نرجو في كربنا سواك، ولا نؤمل في عطشنا إلا غيثك، فاسق قلوبنا برحمة، واملأ أفئدتنا بأمان، واغمر أرواحنا بمددٍ من عندك، يبعث فيها الحياة من جديد.
اجبر كسرنا يا من لا يعجزه شيء. اجعل من ضعفنا قوة بك، ومن يأسنا طريقًا نحوك، ومن سقطاتنا درجات في سلم القرب منك. نحن لا نحسن الثناء عليك، ولكنك كما أثنيت على نفسك، وكما علمتنا أن ندعوك، نسألك أن تتولى أمرنا كله، وأن لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
تقبل قليلنا يا كريم، وبارك في خطوات التائبين العائدين، وامددنا بمددٍ خفيّ، لا يراه سوانا وسواك، فنتقوى به على الطاعة، ونثبت في درب الإيمان، وتبقى أرواحنا معلّقة بجلالك، لا تنظر إلا إليك.
نحن البضاعة المزجاة، وأنت الكريم الغني، فهل يرد الكريم من سأله؟ وهل يخيب عبدٌ طرق بابه؟
ربنا تولّنا، واكتب لنا في قلوبنا نورًا، وفي دربنا رشدًا، وفي أيامنا بركة، وفي آخرتنا فوزًا.