الإثنين: 24 مارس 2025م - العدد رقم 2499
Adsense
مقالات صحفية

الشعبانية ونصف رمضان 

   مريم شملان

    لا يمر شهر شعبان ورمضان من كل عام إلا وتكون لنا ذكرى فيهما، ويأتي هذان الشهران -شعبان ورمضان- وهما من الشهور الهجرية بترتيبهما الهجري -الثامن لشهر شعبان والتاسع لشهر رمضان- من العام، وهما من الشهور القمرية وفيهما ليلتان ينتظرهما الجميع الصغار والكبار، وفيما يتم الأستعداد لتلك المناسبتين وقبل أن يأتي هذان الشهران تتم عملية شراء الحلويات وادخار النقود الفضية والورقية لشراء الحلوى للنصفين من هذين الشهرين في السابق لقلة المصدر وبعد الأسواق؛ أما الآن أصبح الأمر يسير وسهل لكثرة المحلات التجارية وتنوع المعروض لهاتين الليلتين.

في السابق كان انتظار ليلة النصف من شعبان أو كما يقال بالعامية”الشعبانية” لتحقيق أماني توقفت، وأحلام باقية لها مكان بين الضلوع تذهب وتعود، أو لم يعد لها مكان بالروح ولكنها أخذت مكاناً صغيراً وانزوت فيه ونامت، إنها “الشعبانية” التي أنتظّرنْها الجدات وأطفالهنْ الذين أصبحوا فيما بعد أجيال ، جيل يّورث جيل وأعوام أنقضت ومَضتّ في مسارات الحياة بجميع مناطق عُماننا الحبيبة، وذلك قبل أن تأتي الحداثة فتطمس روتين الحياة العادات للذين أتوُا بعدهم، كانت تلك الحياة البسيطة والعادات الجميلة والَليالي المؤنسة واللحظات التي تَسكن ذاكرة كل سيدة وطفل عاشوا في تلك الأوقات البعيدة جداً، ونحن أصبحنا الآن لا نسمع إلا الروايات عنهم، و”الشعبانية” بالذات والتي لها مذاق خاص ولكونها تكون أول الأفراح للأعياد الإسلاميه وما زالت باقية بتاريخها ويومها وهي هكذا منذ زمن بعيد.

من عاش تلك الحقبة الزمنية والتي حين يتذكرها كبار السن تجد في حديثهم عدم الرضا بما يحدث اليوم وخاصة أهمية “ليلتا الشعبانية ونصف رمضان”، والتغيير الذي واكب تقدم الأوطان وتسارع الوقت واختلاف الأساليب في هذا العالم الذي أصبح قرية مُضيىئة ليلاً مليئة بالبشر والضجيج الذي لا ينام، واختفت القُرى المُتباعدة وأمست قريبة من بعضها مُلتصقة الطرقات لا يفصلها شئ عن بعضها بعضا، ويأتي هذان الشهران ونصفهما كل عام منذ أزل، لتجتمع الذكريات البعيدة والقريبة والتي كانتا تلك الليلتين بقدومهن يُسعدن قلوب الصغار والكبار، وكما يُروى ويقال إنهن يأتين والناس بانتظارهن للدعاء والتقّرب لله بالصدقات والأعمال الطيبة، وكذلك لتحقيق الأماني لتأخر الإنجاب أو الزواج، وهذا يكون فقط في” الشعبانية”، وهو أمر يتعلق بالفطرة والنية الطيبة التي اعتادوا أهل المناطق والقُرى على هكذا أمر، بحيث يكون ذو الحاجة والأمنية بعد أن أخذ النصيحة من الأمهات والجدات وكبار السن الذين اعتادوا على التصديق دون التشكيك في الموروث في ذلك الوقت وحتى وقت قريب.

وعليه في تلك الليلة أن يرتدي صاحب الأمنية الملابس السوداء ويكون بالكامل مُغطى بحيث لا يظهر من ملامحِه شيء إن كان ذكر أو كانت أنثى، ويمر على منازل أهل الحي أو القرية من بعد صلاة المغرب، بعد أن يكون الصغار قد خرجوا، يخرج هو يحمل “غربال” ويطرق أبواب الجيران والأقارب دون النطق بأي حرف، ليضعوا له في “الغربال” ما قسمه الله له من طعام أو حلوى دون التحدث إليهم، والخروج دون أن يعلموا من هذا الذي ينافس الصغار على الأبواب، وأن يكون له سبعة منازل أو أقل إذا لم يجد أو لم يستطيع وهذا مُتاح حتى تتحقق الأُمنية، ويكون ما سعى إليه بأمر الله يتحقق ويُرزق ما تمنى، وهذا كان مرتبط بالفطرة والنية السليمة دون التشكيك بوجود الله وبوحدانيته “وعلى نياتكم ترزقون”، فرب العالمين رب قلوب، ويقينا بأن الله هو الرازق الواهب وهو الواحد الذي لا يكون شيئا بالكون إلا بأمره سبحانه.

ولبساطة الناس في ذلك الوقت وحُسن السريرة باتباع الدارج والموروث، أما الليلة الرمضانية “قرنقشوه” فتأتي كذلك لفرحة الأطفال دون الكبار، هذه الليلة يختص بها الصغار فقط ولا يكون هناك ما ذكرناه عن (عقاق المناخل) الليلة الشعبانية بالنصف من شعبان، فالروايات والقصص والأحداث تُعد رمزية لهوية الأجيال التي واكبت عصور وسنوات من تحديث الموروث المتناقل عبر الأزمان.

——————

-*الشعبانية”……..ليلة النصف من شعبان

عقاق المناخل” المُسمى الدارج للشعبانية

-* قرنقشوه”ليلة النصف من رمضان

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights