عُمان ولغة الضاد
مصطفى بن مبارك القاسمي
تعتبر لغة الضاد إرث خالد في يوم اللغة العربية حيث يحتفل العالم العربي بهذا اليوم الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الأمم المتحدة اللغة العربية كلغة رسمية ضمن لغاتها الست. ويُعَدُّ هذا اليوم مناسبة للاعتزاز بلغة الضاد، التي تُعدُّ من أعرق اللغات وأغناها بالمفردات والمعاني. كما يُسلط الضوء على الجهود المبذولة للحفاظ على اللغة وتعزيز مكانتها في المجتمعات العربية والإسلامية.
اللغة العربية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي وعاءٌ ثقافيٌ وحضاري يحمل بين طياته التراث، الفلسفة، الأدب، والشعر. إنها لغة القرآن الكريم، التي منحتها مكانة دينية عظيمة، وجعلتها محورًا أساسيًا في الحياة الثقافية والاجتماعية في العالم الإسلامي.
إن الاحتفال بيوم اللغة العربية يُعد فرصة لتوعية الأجيال الجديدة بأهمية اللغة العربية ودورها في الحفاظ على الهوية الثقافية، كما يُعد مناسبة لتكريم العلماء والأدباء الذين أسهموا في تطوير اللغة ونشر علومها.
ومن هنا سوف نسلط الضوء على دور العلماء العمانيين في خدمة اللغة العربية، حيث برز العديد من العلماء العمانيين الذين أثروا اللغة العربية وأسهموا في تطوير علومها المختلفة، من نحو وصرف وبلاغة وأدب. ومن بين هؤلاء العلماء:
-الخليل بن أحمد الفراهيدي (718-786 م): يُعَدُّ من أبرز العلماء العمانيين في تاريخ اللغة العربية، حيث ابتكر علم العروض الذي يُستخدم في وزن الشعر العربي. كما وضع معجم “العين”، وهو أول معجم لغوي شامل في تاريخ اللغة العربية، حيث اعتمد على ترتيب الحروف وفق مخارجها الصوتية، وهي فكرة فريدة ومبتكرة في ذلك العصر. كان لعمله أثر عميق في تطوير دراسة النحو والصرف والشعر.
-ابن دريد الأزدي (837-933 م): عالم لغوي عُماني آخر له إسهامات بارزة، حيث ألّف معجم “الجمهرة في اللغة”، وهو من أضخم المعاجم اللغوية التي تهدف إلى توضيح مفردات اللغة وأصولها. ويُعد هذا المعجم مرجعًا رئيسيًا للباحثين في اللغة العربية حتى يومنا هذا. كما اشتهر ابن دريد بالأدب والشعر، وكتب العديد من القصائد التي ما زالت تُدرس في الأدب العربي.
ومن أشكال الاحتفال بيوم اللغة العربية:
-تنفيذ ورش العمل والندوات: حيث تُعقد الندوات الهادفة التي تسلط الضوء على التحديات التي تواجه اللغة العربية في العصر الحديث، مثل تأثير اللغات الأجنبية على العربية.
-عمل المسابقات الأدبية: تُنظيم مسابقات في الخطابة، الإلقاء، والشعر، لتشجيع الطلاب على التعبير باللغة العربية الفصحى.
-مبادرات لتطوير المحتوى الرقمي في اللغة العربية: ففي العصر الحديث يتم الاحتفال من خلال تعزيز المحتوى العربي على الإنترنت، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في ذلك.
إن يوم اللغة العربية ليس مجرد مناسبة سنوية، بل هو دعوة متجددة للاهتمام بلغة الضاد، تلك اللغة التي حفظت لنا تاريخًا وتراثًا غنيًا. كما أن الاحتفال بهذا اليوم فرصة لاستذكار عظمة العلماء العمانيين الذين أسهموا في خدمة اللغة وتطويرها، أمثال الخليل بن أحمد الفراهيدي وابن دريد الأزدي، وأن نستلهم من هؤلاء العلماء روح الاجتهاد والإبداع، ونعمل على غرس حب اللغة العربية في قلوب الأجيال القادمة.