زوينة بنت بطي اليعقوبية
باقون في أشرعة الغياب
في أرصفة الشوارع الماطرة
في فنجان القهوة المسكوب
في أوراق الخريف المتساقطة
وهي تخشخش تحت أقدامنا
عالقون في الأزمنة والأمكنة
وفي عقارب الساعات المتوقفة
في دخان المنازل المرتعدة من شدة البرد
في نُتف الثلج المتشبثة بالمعاطف
في أصوات المارة بمظلاتهم السوداء المبللة
وعبارات السلام والتحية المختبئة تحت قفازات الشتاء الثقيلة
باقون في مصابيح الشوارع المنطفئة
باقون هنا نعد الخطى نرصف وعورة الطرقات
نقطف الصنوبر … ونشتم رائحة الياسمين
نأكل.. إن جعنا خبزنا المدهون بالدموع
ونتجرع معه كأساً مترعة من الصبر واليقين
نحن باقون وإن عبرتم
فما عاد لكم مكان هنا
أشرعوا سفنكم… وانطلقوا
خذوا الحديث برمته… ابتدعوا ما شئتم من قصص
واختلقوا ما يحلو لكم من أكاذيب
خذوا الأزقة خلفكم وأرصفة الطرقات
خذوا الجرائد القديمة و الكتب الصفراء
خذوا ما شئتم من صور ومن عِبر
اعبروا البحر
أوقدوا مدافئكم فإني أرى الشتاء يتخلل أوصالكم
قبلوا المحراب حجراً حجرا
ومهدوا طريق السماء لأدعيتكم
وأعيدوا عقارب الساعات على عجل
فما في الوقت متسع لكي نغفر
ارقبوا أحلامكم وهي تقفز متطفلة لتشهد صيحة طرزانية تشق الفضاء
واتركوا إن شئتم ما تبقى للريح
أطلقوا العنان للآمال وأشرعوا لها الأبواب
لعلها تظفر بمبتغاها
لا زلنا باقون هنا يكدرنا كلام عابر
باقون في انتظار الربيع
باقون ترافقنا الشمس وضياء القمر
باقون ترتسم على وجوهنا الضحكات الباهتة
باقون نخيط جراحنا
نرمم الأحياء
نجدد الصور
عابرون أنتم…
أما نحن فباقون هنا.
