ابتكارات عمانية تطرق أبواب العالمية، هل من حاضنة تصنع الفرق؟
ناصر بن خميس السويدي
سلطنة عمان تزخر بالكفاءات المبدعة في شتى المجالات، وشبابها يثبتون يومًا بعد يوم أنهم قادرون على ترك بصمة عالمية بفضل ما يقدمونه من اختراعات وابتكارات، ما يكاد يمر شهر إلا ونسمع عن إنجاز علمي أو ابتكار تقني جديد يثلج الصدور ويشعل فخر الوطن بأبنائه.
واليوم، تطالعنا الأنباء بخبر يملأ القلب فرحًا وأملًا: فتاة عمانية شابة تمكنت بعد سلسلة من التجارب من اختراع تقنية تحويل نبات البرسيم (القت) إلى وقود للمحركات في إنجاز يُعد الأول من نوعه على مستوى العالم، هذا الابتكار يفتح آفاقًا جديدة للطاقة البديلة ويضع سلطنة عمان على خريطة الابتكار العالمي في مجال الاستدامة.
لكن هنا يكمن السؤال المحوري: ما مصير هذه الاختراعات؟ أين الحاضنات التي تُرعى فيها هذه الأفكار حتى تتحول إلى مشاريع تجارية ملموسة؟ الفتاة العمانية ليست وحدها؛ هناك عشرات، بل مئات الشباب الذين قدموا اختراعات عظيمة في مجالات مختلفة، لكنها بقيت حبيسة الأدراج أو لم ترَ النور لعدة أسباب.
هل هو نقص التمويل؟
لا شك أن هذه الكفاءات بحاجة إلى منظومة متكاملة تدعمهم، تبدأ من التشجيع والتحفيز في المراحل الأولى، مرورًا بتوفير الحاضنات، ووصولًا إلى إيصال الاختراعات للأسواق العالمية.
إن الاهتمام بهذه العقول المبدعة واستثمارها لا يصب فقط في مصلحة هؤلاء الشباب، بل هو استثمار في مستقبل السلطنة بأكمله، كيف سيكون شكل الغد إذا ما أُتيحت الفرصة لهذه الاختراعات لتُغير العالم؟ هل سنرى يومًا سلطنة عمان تُصدر تقنيات الطاقة النظيفة أو اختراعات تخدم الإنسانية جمعاء؟
القصة لم تنتهِ بعد… والخطوة القادمة تنتظر من يملك الجرأة ليضع يده في يد هؤلاء المبدعين ويصنع معهم التغيير.
إن المسؤولية اليوم تقع على عاتق الجميع: من الحكومة إلى القطاع الخاص، ومن المؤسسات الأكاديمية إلى رواد الأعمال، الدعم يجب أن يتجاوز مرحلة التصفيق والاحتفاء المؤقت ليصل إلى مرحلة التنفيذ والاستثمار الحقيقي.
على سبيل المثال، إنشاء مراكز أبحاث متخصصة في احتضان الابتكارات العمانية، وتوفير منح بحثية وتدريبية، وربط المخترعين بالخبراء والمستثمرين العالميين، كلها خطوات يمكن أن تحدث نقلة نوعية، كما أن إنشاء منصات رقمية لعرض الأفكار وتسهيل تسجيل براءات الاختراع وتسويقها دوليًا، سيكون له أثر كبير في دعم هؤلاء الشباب.
من جهة أخرى، يمكن للشركات الكبرى والمؤسسات المحلية أن تلعب دورًا رياديًا عبر تبني هذه الابتكارات، والعمل على تحويلها إلى منتجات وخدمات تساهم في تنويع مصادر الدخل الوطني. لماذا لا نرى شركات عمانية تتصدر المشهد العالمي بفضل هذه العقول الشابة؟
وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: إلى متى سنظل نسمع عن هذه الاختراعات دون أن نرى أثرها الفعلي على أرض الواقع؟
نحن بحاجة إلى رؤية وطنية طموحة تتبنى هذه العقول وتمنحها الفرصة لتغيير المستقبل، فمثلما استطاعت تلك الفتاة أن تُحول نباتًا بسيطًا مثل البرسيم إلى وقود، قد يستطيع آخرون تحويل أفكارهم إلى طاقة تُنير الطريق لعمان والعالم بأسره.
الفرصة أمامنا، والمستقبل ينتظر، فهل سنبادر اليوم لنحصد الثمار غدًا؟