2024
Adsense
مقالات صحفية

ملتقى العلياء لكبار السن: إحياء القيم التاريخية وتعزيز الروابط بين الأجيال

   خلف بن سليمان البحري

    عندما نتحدث عن مجتمع عريق كالمجتمع العماني، فإننا لا نستطيع تجاهل الإرث التاريخي والطبيعة الساحرة التي تُحيط به، ملتقى العلياء لكبار السن، الذي انعقد في قرية العلياء بولاية العوابي بمحافظة جنوب الباطنة، كان أكثر من مجرد حدث اجتماعي عابر، بل كان مناسبة فريدة جمعت بين إحياء القيم التاريخية، وتعزيز الروابط بين الأجيال، وتسليط الضوء على كنوز عمان الطبيعية والسياحية.

   الملتقى كان فرصة مثالية ليعيش المشاركون لحظات من الألفة والاعتزاز بالموروث الثقافي، وسط طبيعة قرية العلياء الخلابة، هذه القرية التي تتميز بجمال جبالها وأوديتها المتدفقة، شكلت خلفية مثالية لفعالية ركزت على التقاليد العمانية العريقة في أجواء تجمع بين سحر الطبيعة ودفء العلاقات الإنسانية، جلس كبار السن ليروي كلٌ منهم حكايته التي تعكس روح الزمان والمكان.

   من بين أبرز ملامح هذا الملتقى، كان الاهتمام بالتاريخ الحي الذي حمله كبار السن في قصصهم وحكاياتهم. كانت هذه الجلسات التراثية، التي أقيمت تحت ظلال الأشجار وبين تضاريس القرية، أشبه بفصول من كتاب ضخم يروي حكاية عمان وبعيدًا عن الكلمات، كان المكان نفسه يروي قصته، إذ أضافت الطبيعة رونقًا خاصًا للأحاديث، وشكلت بيئة تفيض بالإلهام وتستدعي التأمل.

   الملتقى لم يكن فقط تكريمًا لكبار السن، بل فرصة لاستكشاف الجانب السياحي لقرية العلياء، فقد استمتع الحضور بجولات بين ممراتها القديمة، وشاهدوا الأودية المتدفقة التي تجسد جمال الطبيعة العمانية البكر، مثل هذه الأنشطة جعلت الملتقى نافذة للتعرف على التراث المحلي والبيئة الطبيعية التي تعكس تناغم الإنسان مع محيطه.

   جمعية إحسان من خلال جهودها المتميزة، قدمت دعمًا لا يقتصر على الجانب الاجتماعي بل امتد ليشمل تسليط الضوء على قرية العلياء كوجهة سياحية تجمع بين التراث والجمال الطبيعي، لقد أظهرت الجمعية كيف يمكن للفعاليات المجتمعية أن تكون منصة لتعزيز السياحة الداخلية من خلال دعوة المشاركين لاكتشاف زوايا جديدة من عمان.

   القيم التاريخية التي أُبرزت في هذا الملتقى ليست مجرد ذكريات تُروى أو ممارسات تُعرض، بل كنوز تُعزز الروابط بين الأجيال، فالتقاليد العمانية التي بدت واضحة في الأحاديث التراثية والأزياء التقليدية، ليست مجرد ماضٍ نتذكره، بل حاضرٌ نعيشه ومستقبلٌ نُخطط له.

   إن قرية العلياء بما تحويه من جمال طبيعي وموروث ثقافي، ليست مجرد موقع احتضن الملتقى، بل رمزٌ يعكس كيف يمكن للطبيعة والتاريخ أن يتكاملا ليشكلا تجربة مثرية للحاضرين، استضافة الملتقى في هذا المكان لم تكن مجرد اختيار جغرافي، بل كانت رسالة تؤكد أهمية ربط التراث بالمواقع الطبيعية كوسيلة لتوطيد علاقتنا بجذورنا.

    في ختام الملتقى، عبّر الجميع عن تقديرهم لهذه المبادرة التي جمعت بين تقدير كبار السن وإحياء التراث المحلي وتعزيز السياحة الداخلية، فقد أظهر ملتقى العلياء كيف يمكن للتاريخ والطبيعة أن يجتمعا ليشكلا أساسًا لتواصل حقيقي بين الأجيال، ويعيد للأذهان أهمية الحفاظ على القيم التي تُبقي هويتنا العمانية حية ومتجددة.

   بهذا الملتقى لا يمكننا القول إنه كان مجرد حدث، بل كان رحلة في عمق الروح العمانية، تجمع بين دفء العلاقات الإنسانية وسحر الطبيعة وعراقة التاريخ.

 

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights