كلام في الرياضة العمانية
سعيد بن سالم الغداني
لا أدري لماذا يعمد الكثير من الناس لا سيما المتابعين للشأن الرياضي عند أي إخفاق للمنتخب الوطني العماني لكرة القدم، إلى إطلاق عبارات التجريح والإساءة والتشكيك في ذمم المسؤولين عن الرياضة في البلد، وخاصة اتحاد الكرة فمنهم من يجد وسائل التواصل الاجتماعي ملاذاً للقدح والتطاول على هؤلاء المسؤولين والنيل منهم ويطالب بإقصائهم، وآخرون يطالبون بإقالة المدرب، وإحضار مدرب آخر ،حتى أن التلاسن بين الجماهير بلغ ذروته وخرج عن النقد البناء والموضوعي، ومع الأسف هذا السلوك تأباه الفطرة العُمانية وتلفظه تربتها الزكيّة التي عرف عنها منذ القدم بنقاء جذورها، وأصالة معدنها، والأدهى والأمر أن الأمر لم يقتصر على عوام الناس بل أننا نجد ممن يصنفون أنفسهم بأنهم من النقاد الرياضيين، والنقد الموضوعي براء منهم؛ فتجدهم يخوضون في هذا الموضوع وهم لا يملكون أدوات النقد بمفهومه الصحيح. والتساؤلات التي تطرح نفسها: هل رؤساء إدارات الاتحادات الرياضية عندما ترشحوا وانتخبتموهم أخذتم منهم وعوداً مؤكدة بتحقيق البطولات؟ وكذلك الحال بالمدرب، هل قطع على نفسه وعداً بتحقيق البطولات، وأن منتخبكم لا يمكن أن يهزم.. وأن يأتي لكم بلبن العصفور؟ أم أن هؤلاء أكدوا على بذل أقصى ما يملكونه من جهود وقدرات لتحقيق أماني وطموحات الجمهور، وأن مسألة تحقيق البطولات لا تعدو عن كونها سعي وجهد مضاعف ثم توفيق المولى عز وجل، فلا تسلحك بالمال الذي تبذله لتحقيق أي منفعة وإنجاز يقودك لنيل ما تتمناه من مكاسب، ولا حتى لو تعاقدت مع أفضل المدربين العالميين، واخترت أحسن النجوم من اللاعبين للمنتخب، وحشدت آلاف الجماهير لدخول أكبر الملاعب بالمجان لتشجيع المنتخب. كل ذلك لا يجدي نفعاً ما لم تحظ بتوفيق من الله عز وجل، كما أنه لا يوجد في العالم كله منتخب في عالم كرة القدم لم يتجرع طعم الهزيمة مهما بلغت شهرته، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن منتخب البرازيل الذي ذاع صيته في العالم، وهو أكثر من حقق بطولات كأس العالم نجده ينهزم هزيمة مذلة في مباراة دولية ( 6/ 1 ) من المنتخب الأرجنتيني، الأقل تصنيفا منه ، أيضاً نجد منتخب الأرجنتين بطل كأس العالم لعدة مرات يتجرع مرارة الهزيمة في بطولة كأس العالم الأخيرة من المنتخب السعودي الأقل تصنيفا منه بكثير ﷼ 1/ ٠ )، ونجد منتخبنا للناشئين لكرة القدم حديث العهد بكرة القدم يتخطى منتخبات عالمية سبقته بعشرات السنين في ممارسة الكرة، يقهرها ويفوز بالمركز الرابع في بطولة كأس العالم للناشئين، ولا ننسى منذ فترة قريبة جداً نجد منتخب السودان يقهر كل ظروف بلده الصعبة جداً، والتى من بينها قرار الفيفا بعدم اللعب على أرضه منذ سنوات، بسبب الحرب الأهلية وعدم صلاحية الملاعب نجده يهزم أقوى المنتخبات الأفريقية ويصعد لكأس أمم أفريقيا بعد زمن طويل من عدم التوفيق، والصعود لهذه البطولة، كذلك الحال مع منتخب دولة فلسطين الذي قهر ظروفه الصعبة جداً نجده يتعادل مع منتخب كوريا الجنوبية على أرضها مرة وعلى أرض محايدة مرة أخرى، رغم الفارق الشاسع بين الأرض والسماء في الإمكانيات المالية والظروف الحياتية وغيرهما بين الدولتين، لكن عزيمة وإصرار اللاعبين الأبطال وشعورهم بمسؤولية تمثيل بلادهم تمثيلاً مشرفاً وخير تمثيل صنع الفارق وتحقق معها المجد الذي سجله التاريخ مدى الحياة بحروف من ذهب، فلو أن المنتخب الذي يفشل في بطولة ما، فأقال مدربه وأتى بمدرب تلو الآخر، أو تم تغيير مجلس إدارة الاتحاد في البلد، كل ذلك لا يجدى نفعاً ما دام اللاعبين ليس لديهم ثقافة الفوز ويلعبون بدون روح قتالية وعزيمة وإصرار.
إنني هنا حين أتحدث وأتناول هذا الموضوع الرياضي بإسهاب لست ممن يدّعي النقد الرياضي، فرحم الله امرأً عرف قدر نفسه، بل أتحدث من واقع تجربة عايشتها عدة سنوات؛ فقد كنت لاعباً لكرة القدم، ثم عضواً منتخباً بمجلس إدارة إحدى أندية محافظة مسقط، واتضح لي مما لا يدع مجالاً للشك أن دور إدارات الأندية أو إدارات المنتخبات الوطنية بالإضافة إلى الجهاز الفني للنادي أو المنتخب لا تتعدى نسبته ما بين 30 أو 35 في المائة في نجاح الألعاب الرياضية الجماعية أو الفردية، أما ما تبقى 70 في المائة فهو يحققه اللاعبون بالعزيمة والإصرار وقوة الإرادة والإحساس بالانتماء للوطن، وتأثير حبه عن أي أهواء، مع وضع الاعتبار لإرضاء وإسعاد الجماهير المتعطشة للفوز وتحقيق البطولات، وما خالف ذلك فهو من باب ذر الرماد في العيون، أو النفخ في قربة مثقوبة. الآن نحن على أعتاب استحقاقات رياضية وطنية قادمة؛ أهمها بطولة كأس الخليج، فهيا بنا نوحد الصف ونضع أيدينا مع أيادي بعضا لدعم ومساندة اللاعبين والجهاز الفني ليتمكنوا من شحذ هممهم، وليبذلوا أقصى ما يملكونه من امكانيات وجهد وطاقة، وصولاً لبلوغ ما نمني النفس به ونطمح لتحقيقة من إنجازات وبطولات قارية ودولية، والله من وراء القصد.