المدرسة حياة…التحولات في المجتمع العماني
د.محمد بن أحمد البرواني
Mhmdtrain@gmail.com
محمد للاستشارات الادارية والتربوية والتدريب
تطرقنا في مقال سابق عن الثقافة السائدة؛ سواء كانت ثقافة الأفراد أو المجتمع ومدى التحولات التي حدثت في سلوك الأفراد، سواء كان ذلك في الكلمات الدخيلة التي قام الأفراد يتناولونها مع بعضهم أو الملابس التي يرتدونها سواء في الأماكن العامة أو في منازلهم؛ بالإضافة إلى الثقافات الأخرى السائدة مع نسب معينة من فئات المجتمع والتي تتعلق باستخدامات الهاتف المحمول واستخدامات السيارات والسلوكيات الحادثة في المناسبات المختلفة والتي لن تمكث طويلاً حتى يستحسنها المجتمع؛ ومن ثم تسود فيه، وعند الحديث عن الثقافة وتعريفها؛ فإنها تلك العادات والقيم والمبادئ والأعراف التي اكتسبها على مر العصور، والثقافة في مفهومنا نحن كمسلمين وندين بدين الإسلام هي مجموعة المبادئ الأخلاقية والعادات والقيم والقواعد والأعراف التي أقرها الإسلام وعمل بها والتي أقرتها الرسالات السماوية وجاء بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لأمته وجاء بها الرسل من قبله.
والناظر إلى مدى الخلل الناتج في مجتمعنا العُماني حالياً من تغيرات تسعى إلى إيجاد الخلل في ثقافتنا الدينية الأخلاقية الإلهية السائدة نتيجة وجود التطور التقني في العالم اليوم، بحيث أصبح العالم قرية واحدة يتواصل فيها الحسن والرديء بكبسة زر؛ مما يعرض أبنائنا وأنفسنا إن لم نتحكم بعواطفنا ومشاعرنا وتوجهاتنا إلى الولوج إلى سلوكيات تكسبنا ثقافات غير مرغوبة تتنافى مع مبادئنا وقيمنا الربانية التي أمر الله بها عباده، وأرسل الرسل من أجل أن تسود هذه الثقافة البشرية لا أن ترفض وتأتي دونها قيم أخرى وضيعة.
إن الواجب يحتم علينا الأمور التالية:
أولاً: أن نوجد ما يعمل على تأصيل قيمنا ونشرها بأساليب مختلفة باستخدام هذه التقنيات على المجتمع بأسره؛ لتتأصل في نفوسهم ونكون مؤثرين ولا متأثرين، فنحن أصحاب رسالة ودعوة ودعوتنا هي ثقافتنا التي يجب أن تسود العالم بأسره.
ثانياً: تطوير التعليم وتعزيز مناهجه بالاتجاهات القيمية الدينية السليمة في مراحله الأولى؛ ففي فترة من الفترات سادت ثقافة الغذاء من التمر واللبن لدى طلبة التعليم الأساسي في المدارس، وهذه الثقافة مكتسبة وقائمة في نفوس الناشئة حتى يومنا، وهو أمر يدعو إلى الإعجاب والفخر والتأكيد على القيم اللازمة في هذه المراحل؛ كالأمانة وحب الوطن والعمل الجاد والإخلاص فيه والإبتكار والإعتماد على الذات وطرق الحوار وغيره، فهي ضرورة ملحة يجب السعي إليها عاجلا.
ثالثاً: تحسين الخطاب الديني، بحيث يعمل على توجيه الشباب نحو العمل والاعتداد بالنفس والتوافق مع الحياة دون إخلال بالمباديء، وتحفيزهم بشكل أكبر نحو تماسك الأسرة، والاهتمام بالعلم، وأن التقدم في نهضة الأمم وتمسكها بهويتها وثوابتها وتوجيههم نحو التواد والتراحم والتآلف وإعداد الذات نحو المستقبل.
رابعاً: وضع البرامج التي تعمل على تربية الناشئة على الحوار وحب العمل الجماعي والتعاوني.
إنّ الآثار الناشئة على المجتمع من التقنيات والتواصل اللامحدود ووجود الأسرة النووية يمكن التغلّب عليها إذا هبّت فئات المجتمع في وضع هذه الأسس موضع التنفيذ في تلاحم وعمل تعاوني بين المدرسة والمسجد وفئات المجتمع، آخذين قول الله تعالى ومنفذين لأمره: ﴿وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾- [آل عمران: ١٠٤]