لم نلتقِ حتى! ..
مريم الجابرية
لم نلتقِ، رغم أحاديثنا الكثيرة التي امتدت لقرونٍ، لم نلتقِ قطّ.
في لحظةٍ ما، تفرعت المسارات، وسلكنا طُرقاً مختلفة؛ أحدها يكسوه الزهر والحنين والطين اللزِج، والآخر تعطّره الأشواق وشارعٌ مُعَبَّد صَلْد.
كنا ذات يوم في صالات المطارات نسمع النداء نحو نفس المدينة. نحلّق في السماء عالياً، نشاهد اللاشيء من نافذة الطائرة المتينة، ثم نصل إلى نفس الأرض، لكننا لم نلتقِ.
كُتب التاريخ أيضاً حكت عنّا؛ أحدنا كان حاذقاً فطناً، والآخر شاعراً متوتراً. وُضِعنا على رفوف نفس المكتبة، لكن لم يستعرْنا نفس الشخص ليحملنا بكلتا يديه ويقرأَنا.
لذلك لم نلتقِ. كُنّا في ساحة المدينة المكتظَة، أنت تستمع لعازف الناي الحزين بجانب الضريح الشرقيّ، وأنا أستمع لحكاية متسوّلٍ مُبكية على الجانب الآخر. نمدّ قطعة نقود لأحدهم ونمضي.
دون أن نلتقِ، أيقنتُ ذلك. ربما لم يُكتب لنا أن نلتقي هنا.
نحتاج لحياةٍ أخرى، ونصٍّ آخر أيضاً.
لربما نلتقي.