الإسلام وطن مترامي الأطراف

ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

استهلال

عندما تكون الروح هي الثمن
فاعلم أنها الفداء لهذا الوطن
ولا يكون هناك أغلى من ترابه، وله الولاء وبه ينسج الكفن.
حب الوطن لا يكون لقلقة بالألسن، ولا يكون بالأهازيج
والأغاريد والخوض في كل طربٍ وفن، ولكنه جهادٌ وتضحيات ووقفة صدق وخشية لله في السر والعلن
والنأي به عن الشرور والفتن والدفاع عنه، ونصرة المظلوم
وإغاثة الملهوف ومحاربة الفساد، والسعي للعدل الشامل
بين العباد والبعد كل البعد عن التهويل والتطبيل، وقول الحق لرضا الله أولاً ثم لبراءة الذمة والضمير.

فمن صور التضحيات في حب الوطن:

الحفاظ على الموروثات والمكتسبات والرقي في التعامل وأثر ذلك في الخطاب وسائر المعاملات ولتكن الهوية والوجهة هي الأخلاق، ليظل وسام رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهلِ عُمان شامخاً على صدورنا منذ أكثر من ١٤٠٠ عام.

وتظل خطبة الصدّيق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم باقية فينا وحية في قلوبنا، تلامس مسامعنا بين
الحين والآخر فلا يداهمنا الفتور، ولا يتملكنا الغرور، وليكن سعينا لمرضاة الله العزيز الغفور.
حب الوطن لا يكون بالتخلّي عن المبادىء والقيم وتعاليم الدين الحنيف، والمشي خلف القطيع بمحاربة الكفاح والنضال وسماع أهل الشقاق والنفاق، ولا بالاستسلام للظلم والجور، ولا
بالسكوت عن الباطل.

وما يحدث للمسلمين اليوم في كلّ مكان، لا سيما في غزة وفلسطين، ورابط الأُخوّة في الإسلام مظلة كل تقيّ، وعنوان كل وليّ أخلص لله وحده، فأدركه بلطفه الخفيّ وسقاه من علمه الوهبيّ، فالوطن الحقيقي هو الإسلام، وكل الأمكنة مجرد رموز تنتمي إليه، فالإسلام وطن مترامي الأطراف يشمل سائر أرجاء المعمورة، وسيأتي اليوم الذي سيغمر فيه هذا الوطن الكبير الدنيا بأسرها، فلا انبطاح لعدو، ولا تطبيع مع صهيونيّ، ومن ينتمي للإسلام حقاً وصدقاً، ويرتوي من مَعين القرآن، وقد طبّق شرع الرحمٰن واتّبع سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يُذّل ولا يُهان.

فقط الحمقى هم من يوالون الأعداء ويبذلون الطارف والتليد، ليكونوا من حزب الشيطان، ويقربون كل يومٍ القربان تلو القربان لتكون هذه الأعمال حسرة عليهم ثم يُغلبون.
فالإسلام ظاهرٌ على كل الأديان لا محالة، ومنتصرٌ على أهل البغي والشنآن، حقيقة متجددة يرويها لنا الزمان، وشمس لا تغيب عن الناسِ والمكان.